أقر مجلس الوزراء الموقر خلال جلسته الأخيرة في بادرة طيبة من قبل المجلس وسمو الرئيس وسمو النائب الأول للرئيس حفظهما الله، أقر تخفيض المصروفات المتكررة بنسبة 15% في ميزانية العامين القادمين. هذه البادرة تصب في الاتجاه الصحيح، خاصة أن هناك مصروفات متكررة بأرقام مليونية تذهب هباءً، أو يتم استغلالها بشكل سيئ جداً في بعض الوزارات، ثم يكتشف ذلك الرأي العام في الحساب الختامي للدولة أو من خلال تقارير ديوان الرقابة.من واجبنا أن نشكر كل مبادرة طيبة تأتي من قادة البلد لحفظ المال العام ووقف الهدر، والذي يحدث في بعض الوزارات، وقد طالبنا هنا ذات مرة بأن تراجع ميزانية المصروفات المتكررة التي يحدث بها هدر مالي غير مقبول، ونحن نعاني اليوم من انخفاض أسعار النفط وتفاقم الدين العام، ونحمد الله على هذه الاستجابة.أيضاً هناك مشكلة تقع في المبالغ المُرحلة للمشاريع داخل الوزارات، وينبغي أن تكون عليها رقابة أكبر، وترحل بحسب الأنظمة والقوانين لمكانها الصحيح، لا أن تترك للوزير يتصرف بها أو يجمدها ويضعها في بنود أخرى دون الرجوع لمجلس الوزراء. لذلك فهناك ملاحظات كثيرة تحدث وتنشر في الصحافة ينبغي الالتفات إليها، فإن كانت هذه الملاحظات وجيهة وتصب في حفظ المال العام فلماذا لا يؤخذ بها.أمس الأول ناقش مجلس النواب قانون الدين العام، وقد ألغى التصويت بسبب خطأ في التصويت، حيث صوتت نائبة وهي غير موجودة بالجلسة، وهذا خطأ كبير حتى وإن لم يؤثر على التصويت في موضوع قانون الدين العام، لكن الصوت الواحد داخل المجلس يعني الكثير.وزير المالية قال خلال الجلسة إن المواطن لن يواجه وحده حلول معالجة الدين العام، وهذا أمر طيب إن تحقق، لكن السؤال؛ كيف يمكن تحقيق هذه المعادلة؟ وهل يعني الوزير أن المواطن والحكومة معاً سيواجهان حلول تسديد الدين العام؟في جلسة أمس الأول هناك من رفع الصوت من النواب، والوزير قال: «رفع الصوت لا يجدي» وقال أيضاً: «إنه (قلق) من الدين العام أكثر من النواب»!، السؤال هنا؛ كم سيصبح الدين العام للبحرين بعد عامين؟ كم ستسدد البحرين (كأرباح بعد عامين) على الدين العام؟ كم ستصبح نسبة الدين العام من الناتج المحلي بعد عامين؟المسألة الأكثر خطورة ربما، هي حين يتفاقم الدين العام ويتخطى الأرقام المعقولة، حينها قد تتدخل المؤسسات والمنظمات الدولية والبنك الدولي وتفرض علينا سياسة مالية، عندها ستحل الكارثة على المواطن قبل غيره، وستنخفض قيمة الدينار، وستحدث تبعات كثيرة، لكن الجهات الرسمية بالبحرين تقول عطفاً على هذا التخوف أننا لا نقترض من البنك الدولي..!من هنا فإننا نحتاج لعقلنة المصروفات، كما تحتاج الحكومة لزيادة الرقابة على مشاريع وأعمال الوزارات، قد ذكرت قبل فترة نقطة أحسبها هامة، وهي أن هناك مشاريع تقام في وزارات بعينها بمبالغ كبيرة، بينما حقيقة المشروع المقام على الأرض أقل من قيمته التي أقرت.وهذا إن كان صحيحاً أو أنه يحدث واقعاً؛ فإنه مصيبة في وقت يجب أن نحافظ فيه على كل دينار، فهل هناك جهة حكومية أو لجنة من قبل مجلس الوزراء تقوم بمراجعة القيمة الفعلية للمشاريع؛ أم أن ذلك يترك للوزارة ومجلس المناقصات فقط؟أجد أن ما تقوم به الحكومة من مراجعات فعلية وواقعية في التدقيق على الأرقام وتقليص المصروفات يصب في الاتجاه الصحيح، وهذه البادرة لم تأخذ زخماً إعلامياً كافياً، ونتمنى أن تأتي مبادرات أخرى تصب في حفظ المال العام والمحاسبة والرقابة على أعمال الوزارات، فهذا الأمر من شأنه أن يحفظ الكثير من الأموال التي تتسرب من تحت الأيادي إلى مكان غير معلوم، وربما يكون معلوماً!!** الصحافة الكاذبة..!!كل يوم تنشر الصحافة قضايا وأخباراً ومعلومات، غير أننا كل يوم نفاجأ بحالة من النفي لا مثيل لها في العالم كله.لنفترض جدلاً أن الصحافة أخطأت في خبر أو اثنين أو ثلاثة؛ لكن ألا يوجد خبر واحد صحيحاً؟كل الردود الرسمية (نفي في نفي) وتكذيب للصحافة والكتاب؟المهن الصحية تنفي، الصحة تنفي، الأشغال والبلديات تنفي، الداخلية تنفي، المالية تنفي، هيئة التأمينات الاجتماعي تنفي، العمل تنفي، التنمية الاجتماعية تنفي، الثقافة تنفي، الصناعة تنفي، الإعلام تنفي، كل الجهات والهيئات تنفي..!بالله عليكم ألا توجد جهة محترمة تخاطب عقول الناس والرأي العام بشكل واقعي وصحيح وتقول «نعم حدث خطأ في الموقع الفلاني أو الجهة الفلانية، وسوف نتحقق من الواقعة، وسنحاسب المسؤول عنها»..! ألا يوجد من يقول ذلك؟كل هذا خوف من قادة البلد؛ وهل تظنون أن قادة البلد لا يعرفون الحقيقة؟التقصير والأخطاء تحدث ما دام هناك عمل، هذه قاعدة في كل مكان، لكن أن ننفي كل شيء جملة وتفصلاً ونتهم الآخرين بالكذب فهذا أمر مؤسف ومحبط.الناس ستحترمكم أكثر حين تقولون لهم الحقيقة، وتقولون نعم وقع خطأ وسنجري التحقيق وسنحاسب المسؤولين إن ثبت أن هناك تقصيراً، هذه الردود تجعل المسؤولين يكبرون في عيون الناس، أما أن نكذب الوقائع بينما الجميع شاهد الحادث فهذه مأساة كبيرة، وكذب على الناس.النفي لا يعالج الأخطاء ولا يطور العمل ولا يحاسب المسؤولين عن الأخطاء، النفي يكرس سياسة (دعهم يقولون ما يريدون ونفعل ما نريد) وهذه للأسف سياسة بعض المسؤولين بالدولة.نشرت عن قضية المواطنين في هيئة المهن الصحية، وكما توقعت جاء النفي جاهزاً، وأحسبه محفوظاً في أجهزة الكمبيوتر والعلاقات العامة، رغم أن رد الهيئة كان محترماً مهذباً، وأنا أشكرهم على رقي الأسلوب، لكن هذا لا يغير من الواقع شيئاً، مجموعة من الموظفين الذين يعانون الأمرين من بعض المسؤولين ويراد لهم أن يخرجوا من الهيئة لإفساح المجال لجلب آخرين، هؤلاء الموظفون سيذهبون لجهات كبيرة بالبلد للشكوى، وهذا الأمر ليس في صالح الهيئة، حيث على المسؤول الأول عنها مراجعة سياساتها وتصحيح الأخطاء وإقصاء أي مسؤول يمارس التعسف الوظيفي ضد أبناء البحرين المخلصين.النفي (عمال على بطال) لا يصحح الأمور، وليعلم المسؤولون في الهيئة أن هناك حقائق كثيرة ستطرح في الصحافة تتعلق بالتراخيص وتهميش أصحاب القرار داخل الهيئة واختطاف مسؤوليتهم الإدارية، وأتمنى أن تصحح الأمور قبل ذلك، فالصحافة الوطنية من واجبها أن تطرح قضايا المواطنين الذين يتعرضون للمضايقات والتطفيش.