قبل فترة وجيزة زار وزير الصحة بمعية كبار المسؤولين بالوزارة القسم الخاص باستراحة الأطباء «HOSTEL» بمجمع السلمانية الطبي من أجل الاطلاع على احتياجاتهم، فهناك تسريبات تؤكد أن زيارته للقسم المهمل منذ عدة أعوام جاءت على خلفية طرح المشكلة بإحدى الصحف المحلية. بعد الزيارة لم يتغير أي شيء سوى تغيير فرش الأسرة الخاصة بالأطباء من اللون الأبيض إلى اللون البنفسجي، والذي أتوا به من الجناح رقم 413.الظهور الثاني لوزير الصحة جاء عبر تصريح له في إحدى الصحف اليومية حول أزمة توظيف الأطباء، أكد من خلاله أن «كل الأمور طيبة»، فلا «داعي» للتوظيف ولا «داعي» للقلق، فأعداد الأطباء في مجمع السلمانية الطبي باستطاعتها تغطية احتياجاته!!نحن ربما لا نلوم الوزير الموقر كثيراً في ما يتعلق بعدم توظيف الأطباء الجدد، أقول كلمة «ربما» للاشتباه حول مقدرته فعل ذلك فقط، ولو كان أكثر صراحة وجرأة في ما يخص هذا الموضوع لكن كل شيء «عال العال»، أما أن يتعلل معاليه ببعض الأمور التي لا يمكن أن تمرر على عامة الناس، فإن ذلك يعتبر تضليلاً للرأي العام.أعيدها من جديد؛ إنني ربما لا «ألوم» وزير الصحة في ما يتعلق بعدم رغبته توظيف الأطباء الجدد، فالمسألة باتت معقدة للغاية، لأنها مرتبطة بمباركة ديوان الخدمة المدنية، ومرتبطة كذلك ببرامج التدريب والمدربين من الاستشاريين الذين يفتقر إليهم مجمع السلمانية الطبي، والمسألة الأخيرة أضحت معقدة كذلك بسبب تعطل قطار ابتعاث الأطباء الذين ينتظرون إرسالهم ليكونوا من الاستشاريين المعتمدين.هذه كل المسألة؛ فكل دائرة تنقص من حلقات السلسلة بوزارة الصحة، تعني تعطل اكتمالها، ولهذا فإن معالي الوزير في «ورطة» حقيقية أمام ما يتعلق بتوظيف الأطباء، ومن هنا يأتي دوره الحاسم في أن يعالج ملف الصحة ومشاكلها والتي من أولوياتها تحسين الخدمات الصحية، وتوظيف الأطباء الجدد، قبل أن يدلي بتصريحات لا تتسق وطبيعة ما يجري في أروقة الوزارة.نحن لا نريد الخوض في تفاصيل تصريح سعادة الوزير والذي حوى مجموعة من التناقضات الغريبة والمشوشة، كمسألة أعداد من تم توظيفهم خلال العامين الماضيين بطريقة فيها الكثير من الخلط المتعمد بين الأرقام والأعوام، لأن هذه المسألة تحتاج منا لكثير من المقالات لو أردنا أن نكشفها، كما لا نريد الخوض في تفاصيل طبيعة التوظيف وطريقة المقابلات، وكذلك في الكفاءات الطبية التي يدعي الوزير أنها من أولويات الوزارة، ولا ينبئك به غير طبيب يعمل بمجمع السلمانية الطبي أو مريض يعالج في أحد المراكز الصحية من طرف الكثير من أطباء العائلة غير المؤهلين أصلاً، كما لا نريد أن نتكلم عن النسبة الدولية في ما يخص نسبة الأطباء بالنسبة لعدد السكان، والتي جانبت الصواب حين طرحها الوزير.كل أمنياتنا من معالي الوزير الموقر أن يواجه الحقيقة بقوة، وأن يعالج ملفات الصحة والتي على رأسها قضية توظيف الأطباء وتحسين الخدمات الصحية وتوفير أسرة للمرضى، والإسراع في إرسال الأكفاء من الأطباء لإكمال برنامجهم التدريبي ليكونوا من الاستشاريين بمجمع السلمانية الطبي الذي بات يفتقر لهم.نريد حلولاً جذرية وواضحة لمشاكل الصحة وتوظيف أبنائنا الأطباء، بعيداً عن التصريحات الانفعالية أو التجميلية أو الإنشائية، لأن مصير الصحة بات مرهوناً بطريقة عمل مكتب الوزير وبقية الوكلاء بالوزارة، قبل كل شيء، وكذلك قبل أن نغادر المقال، هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق ديوان الخدمة المدنية. ربما سيكون لنا مع الحديث بقية، إلا إذا سمعنا بعض الأخبار السارة من طرف الصحة بالتعاون مع ديوان الخدمة، وهذا هو المؤمل، فالبحرين أمانة في أعناقنا يا سعادة الوزير.