تكرار ظهور أسماء معينة من «المعارضة» في فضائية «العالم» الإيرانية إلى حد أن مل الجمهور منها، كونه صار يعرف رأيها بتفاصيله ويعرف ما ستقول قبل أن تنطق، لا يعني بالضرورة أن الأسماء الأخرى ممنوعة من الاستفادة من هذا «الحق» و«المكانة» أو أنها ترفض المشاركة في سب وطنها، فالموضوع متعلق في الغالب بـ«المرصود المالي» للبرنامج والذي يبدو أنه لا يتيح مجالاً لاستيعاب عدد أكبر من «الضيوف»، فليس معقولاً أن تكون المشاركات اليومية هذه من دون مقابل، خصوصاً وأن إيران تعرف جيداً حاجة هؤلاء للمال وتعرف أن مشاركاتهم تكلفهم وقتاً وجهداً، وإن كانوا يستفيدون منها فينالون الشهرة التي يحلمون. برنامج «حديث البحرين» الذي خصصته إيران للتعبير عن حقدها على البحرين قيادة وحكومة وشعباً فاعتمدته ساحة لترقص فيه «المعارضة» على هواها يعتمد على استضافة بعض «البحرينيين» من الذين اختاروا معاداة وطنهم ممن يقيمون في الخارج، وآخرين من الداخل يتكررون يومياً ويكررون الكلام السقيم نفسه. برنامج قميء يهدف إلى الفتنة ويقوم بالدور المطلوب منه بدقة، فهو جزء من خطة إعلامية شريرة ترمي إلى استغلال البعض الذي لايزال دون القدرة على استيعاب مسألة أن ما تقوم به إيران لا يمكن أن يكون من دون مقابل، ولايزال دون الاستفادة من الأمثلة التي توفرها إيران في اليمن والعراق وسوريا ولبنان التي تم قضمها. «البحرينيون» الذين يشاركون في برامج هذه الفضائية السوسة يشاركون وهم فرحون، ليس فقط لأنهم يحصلون على مقابل مادي، ولكن لأنهم يعتبرون ذلك أيضاً فرصة لتفريغ ما في داخلهم من حقد وضغينة على الحكومة، لكنهم لا يدركون أن إيران لا توفر لهم تلك الفرصة مجاناً، ولا يدركون أن المقابل المطلوب كبير وأنها تعتبرهم مجرد أدوات تسهم في استعادتها لـ«إمبراطوريتها»، كما عبر عن ذلك أخيراً علي يونسي مستشار الرئيس حسن روحاني الذي اعتبر كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية واعتبر كل شعوب المنطقة جزءاً من إيران! وقوف إيران إلى جانب العراق نفع البعض وتسبب في إيجاد حالة نفسية طيبة لدى بعض آخر، لكن الجميع اكتشف أنها المستفيد الأكبر من كل الدعم الذي تقدمه للحكومة العراقية، ويكفي أن المنطقة العازلة بين حدودهما والبالغة عشرين كيلومتراً اجتزأتها من أراضي العراق. ووقوف إيران إلى جانب النظام في سوريا نفع البعض ومنهم بشار الأسد وأنقذ النظام من الانهيار في الفترة السابقة، لكن الجميع اكتشف أنها المستفيد الأكبر من كل هذا الذي تقدمه للنظام هناك، ويكفي أن بشار الأسد نفسه صار كما الخاتم في يدها يقول ويفعل ما تأمره به. ووقوف إيران إلى جانب لبنان إلى الحد الذي صارت تسعى حثيثاً لإقناع الحكومة اللبنانية بقبول كمية ضخمة من الأسلحة هدية للجيش اللبناني وصارت تبني المستشفيات والمراكز الصحية لم يكن إلا لمصلحة إيرانية بعضها ظاهر وأغلبها خفي، وهي في كل الأحوال دعم لحزب الله وأمينه العام؛ الذراع العسكري الإيراني في لبنان. والأمر نفسه في ما يخص الدعم اللافت الذي تقدمه لحماس، فهو ليس مجاناً، وثمنه اعتقاد العالم أن قلب إيران على فلسطين وأنها هي حامي الحمى ومن سيعيد المقدسات الإسلامية ويحرر فلسطين.يقول العرب «الذئب لا يهرول عبثاً»، وهذا ما تؤكده إيران التي للأسف أن البعض لايزال يراها في هيئة الحمل الوديع بينما هي تسعى إلى أمور، يفترض ألا تكون بعد كل هذا الذي صرنا نراه، خفية على أحد، فإيران لا تهرول عبثاً ولا يمكن لعاقل أن يصدق أن المليارات التي تصرفها هنا وهناك هي من أجل سواد عيون فلان أو علان