عندما حاصرت أمريكا العراق في الأعوام 1990-2003، جرى بينها وبين العراق جولات عديدة من المفاوضات بخصوص امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وضرورة التخلص منها ومن برنامج تصنيعها، وقتها قدم العراق لأمريكا كل ما طلبت وأتلف الصواريخ بعيدة المدى وأوقف برنامج تصنيعها، أملاً في رفع الحصار الاقتصادي، حتى إنه سمح للأمم المتحدة بتركيب الكاميرات في مصانع هيئة التصنيع العسكري، وسمح لهم بإجراء مداهمات تفتيشية للمصانع والدوائر والمختبرات الحكومية، ومع ذلك لم يحصل منهم على نتيجة وفي نهاية كل ستة أشهر كان الحصار الاقتصادي يتجدد، ولم يرفع إلا عندما دخلت أمريكا العراق غازية محتلة.هذه السياسة التي اتبعتها أمريكا مع العراق تتبعها اليوم مع إيران، مع فارق أن العراق لم يكن عدائياً خارج حدوده خلال فترة الحصار، أما إيران تعتدي على جيرانها وتبتلع دولاً مع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.يقال إن المفاوضات النووية مع إيران قد وصلت إلى مرحلة دقيقة ومن المحتمل التوصل إلى اتفاقية نهاية الشهر الجاري، لكن الواقع يؤكد أن احتمالية وصول طرفي المفاوضات إلى اتفاق أمر مستبعد، وحتى إذا تم التوصل إلى اتفاق معين فلن يكون مجدياً لسبب بسيط وهو أن إيران تركز على هدف مهم واستراتيجي بالنسبة لها وهو رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وإذا وصلت إلى هذا الهدف ربما ستتنازل عن أي شيء مقابله، لكن أمريكا والغرب يتفاوضون بعيداً عن هذا الهدف، لأن العقوبات الاقتصادية هي السلاح الفعال الذي تستخدمه مع إيران وهي الحبل الذي تلفه حول رقبتها فلا يمكن بحال من الأحوال التنازل، وإيران تعرف ذلك جيداً وتعلم أنها مهما قدمت لأمريكا فلن ترفع عنها العقوبات الاقتصادية التي آذتها كثيراً، لذلك لن يتم التوصل إلى اتفاق حقيقي في هذه المفاوضات. أوباما في حواره مع قناة «سي بي أس» نوه وأعطى المقدمات إلى عدم إمكانية التوصل إلى اتفاق في المفاوضات النووية عندما ربط الاتفاق بحصول أمريكا على إثبات أن إيران لن تحصل على سلاح نووي وأن تحصل أمريكا على ضمانات في هذا الخصوص وبعكسه لن تقبل أمريكا بأي اتفاق ويمكن أن تغادر المفاوضات، حتى وزير الخارجية الأمريكية جون كيري قال إنه لا يشعر بوجود حاجة ملحة في العجلة للتوصل إلى اتفاق مع إيران وللأسباب التي ذكرها الرئيس الأمريكيإيران تعلم جيداً أنها لن تتوصل إلى اتفاق لأنها تدرك أنها مهما فعلت وقدمت فسيكون ذلك بعيداً عن رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وهي لا تريد غير ذلك، لذلك تعتبر إطالة المفاوضات أمر في غاية الأهمية بالنسبة لها لأنها تستغله في جانب آخر غير التقدم في برنامجها النووي وهو التقدم والتمدد على الأرض، وما يدل على ذلك أنها أوقفت بالفعل أي نشاط نووي لها خلال فترة الاتفاق المرحلي لتحصل على وقت أكبر، تتمكن من خلاله فرض واقع وجودها في مناطق تمددها.
Opinion
مفاوضات إيران النووية بين تجربة سابقة ونتيجة متوقعة
14 مارس 2015