الفتوى التي أصدرتها هيئة التشريع والإفتاء القانوني بناء على طلب وزارة الأشغال والبلديات حول استقلالية المجالس البلدية، والتي أفتت فيها بعدم استقلالية هذه المجالس من الناحيتين المالية والإدارية، هذه الفتوى غير صحيحة.فقد استندت هيئة التشريع في فتواها على المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2011 بإصدار قانون البلديات وبالتحديد المادة (34) التي تقول «يكون لكل بلدية ميزانية مستقلة تخضع لأحكام القانون رقم (1) لسنة 1975 بشأن تحديد السنة المالية وقواعد إعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي» واعتبرت أن خضوع ميزانية البلدية لأحكام قانون الميزانية العامة للدولة يفقدها استقلاليتها.واستندت فتوى الهيئة كذلك على نص المادة (42) من قانون البلديات التي تقول «مع مراعاة أحكام هذا القانون تسري على موظفي البلدية الأنظمة الخاصة بموظفي الحكومة كما تسري عليهم أحكام القانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن نظام ومعاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة»، واعتبرت الهيئة أن هذا النص يعني تبعية أعضاء المجالس البلدية والإداريين لقانون الخدمة المدنية، وبالتالي تأكيد على عدم استقلالية المجالس البلدية عن الحكومة من الناحية الإدارية.لكن هيئة التشريع أغفلت أو تغاضت عن المادة (2) من قانون البلديات رقم (35) لعام 2001 التي تنص على «يكون للبلدية شخصية اعتبارية، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري» وهو نص صريح وواضح على الاستقلال المالي والإداري للبلديات أو المجالس البلدية، إضافة إلى أن المواد التي استندت عليها هيئة التشريع لإثبات تبعية المجالس البلدية للحكومة سواء في قانون الميزانية العامة أو قانون البلديات تطالب البلديات بتطبيق الأنظمة المالية أو أنظمة الخدمة المدنية، والالتزام بأنظمة إدارية أو مالية لضبط العمل وتناسقه في الدولة لا يعني تبعية البلديات للجهات المشرفة على تطبيق هذه الأنظمة.هيئة التشريع قالت أيضاً إن كون البلديات تتلقى دعماً مالياً لمصروفاتها من ميزانية الدولة (الميزانيات المنوعة) (بمبلغ 612 ألف دينار سنوياً) فهذا دليل آخر على عدم استقلالية المجالس البلدية، والهيئة نسيت هنا أن ما تتحدث عنه هو ميزانية الدولة وليست ميزانية الحكومة، وبالتالي فإن المجالس البلدية هي ضمن مؤسسات الدولة (المستقلة مالياً وإدارياً) شأنها شأن (12) جهة أخرى مستقلة مدرجة مصروفاتها في ميزانية الدولة بينها المجلس الأعلى للقضاء، ديوان الرقابة المالية والإدارية وهيئة التشريع والإفتاء أيضاً، إلا إذا اعتبرت نفسها غير مستقلة!