نظرة المواطن تختلف في أحايين كثيرة عن نظرة المسؤول، بالأخص من هو يتحمل مسؤولية جسيمة ملقاة على عاتقه.هناك كثير من الأمور حينما نخوض فيها نحن كمواطنين ربما نستسهلها ونرى أن حلولها بسيطة جداً ومتاحة، بينما الواقع العملي يقول إن بعض الأمور مهما كان شكلها وتصويرها يوحي بأنها بسيطة وسهلة، إلا أن القيام بها والنجاح فيها يتطلب إجراءات معقدة بدءاً من التخطيط وانتهاء بالتنفيذ.وزارة الداخلية أكبر مثال على ما نقول؛ إذ أحياناً تمر علينا بعض الأمور والمواضيع والمسائل التي تطرأ هكذا دون أية مقدمات، فنقول بلسان المواطن البسيط جداً: لماذا لا تفعل الداخلية كذا؟! أو كيف حصل ذلك؟! أو لا يعقل حصول أخطاء بهذا الشكل؟!في حين أن الواقع العملي -كما بينا أعلاه- لو دققنا فيه لوجدنا أن هناك أموراً تتداخل فيها عوامل عديدة تجعلها تسير في طرق وعرة، وتؤدي إلى نتائج قد لا يكون عليها إجماع بالرضا.سنضرب أمثلة هنا، إذ الحوادث التي حصلت في مراكز التوقيف مؤخراً، وسبقتها حوادث أخرى. لسان حال المواطن فيها يتجه فوراً لإلقاء اللائمة وتحميل المسؤولية لوزارة الداخلية ويعتبرها مقصرة، في حين أن التفاصيل تشير لوجود عامل أو عاملين من العوامل فيهما خلل، وهما عاملان من ضمن منظومة عديدة فيها عشرات من العوامل، وبالتالي فالنظرة التي يتم تعميمها تركز على جوانب محددة بينما الجوانب الأخرى يتم إغفالها بحسن نية.وهنا لسنا نقول إن الأخطاء إن حصلت فإن التعامل يجب أن يكون معها بطريقة غض النظر أو السماح أو قبول التبرير، بل على العكس، لكن مع ذلك لا بد من عدم إغفال الإجراءات السريعة التي تتم، والقرارات التي تتخذ، وألا تكون النظرة مبنية على نسق التعامل البشري الانفعالي السريع الذي يعمم الشر ويخص الخير، هذا إن تذكرنا الخير.نقول ما نقول لأن هناك نوعاً من تناسي الجهود المبذولة في التعامل مع كثير من الأمور من قبل وزارة كبيرة العدد بحسب منتسبيها، كثيرة المسؤوليات والمهام الحساسة والهامة بحسب اختصاصها.لو افترضنا على سبيل المثال أن تسرب بعض الموقوفين من الحبس سببه بشري بحت معني بعناصر أخلت بواجباتها وقسمها الذي تلتزم بموجبه بأخلاقيات المهنة، فإن ما نراه من إجراءات سريعة وحاسمة اتخذت تكشف مدى الاهتمام والجدية وتحمل المسؤولية من قبل وزير الداخلية نفسه، هذا الرجل الذي ندين له كبحرينيين بالكثير في شأن الحفاظ على الأمن والاستقرار. وكذلك عملية التعامل مع حالة تبادل إطلاق النار، والنتيجة الإيجابية التي أدت للقبض على هؤلاء وهم الآن أمام العدالة، وعدم السماح لهم بالإفلات من يد القانون.لا توجد منظومة في العالم ليس فيها ثغرات، وأكثر الثغرات تحصل بسبب البشر، وفي الأمثلة المذكورة العامل البشري هو السبب في كل ذلك، خاصة إن كان التقصير والإخلال بالواجبات هو مبعث ذلك. وعليه، فإن الثغرات موجودة في أي قطاع، حتى لو ظنناه محكماً ومؤمناً بأفضل الوسائل والطرق، المعيار يكون بتقييم المعالجة وضمان عدم تكرار الخطأ، وهذا ما نأمل ونتوقع حصوله وكلنا ثقة في الجهود المبذولة.كمواطن بحريني مخلص لهذه الأرض، عايش عن قرب ما تعرضت له البحرين قبل أربعة أعوام، أقولها بكل حزم إن أكثر جهة أمنحها ثقتي اليوم هي وزارة الداخلية نظير ما قامت به وما زالت من جهود في إطار حفظ الأمن والاستقرار وحماية الوطن والمواطنين، ونظير التضحيات العديدة التي تكبدها رجال الأمن ممن استشهدوا، وممن أصيبوا وتعرضوا للإعاقات، وللوزير الرجل القوي الشيخ راشد بن عبدالله الثقة بحسن تدبيره وقيادته ومواجهته الحازمة السريعة لكافة الأمور الطارئة، إذ مثل هذه الوزارة الهامة والحساسة لا يمكن أن يقودها إلا رجل له مواصفاته الخاصة كوزير الداخلية الذي هو من خيرة من اختارهم جلالة الملك حفظه الله لتحميله هذه المسؤولية الكبيرة.تبقى لنا كمواطنين نظرتنا للأمور، ولربما يفوتنا كثير من التفاصيل، لكن علينا أن نتذكر دوما بأن هناك جهات ورجالاً عملهم غير المعلن أكثر مما نعرفه، وجهودهم الخفية أكثر مما نراه، وبالتالي حكمنا من الصعب أن يكون دقيقاً دائماً، قد نستاء ونمتعض ونسأل عن التبرير ونطالب بالحلول، لكن في النهاية النظرة الشمولية المنصفة تفرض علينا أن نؤدي لهذه الوزارة ولهؤلاء الرجال التحية ونقدم لهم الشكر والتقدير على الجهود العديدة المخلصة، فلولا الله وتوفيقه لهم ما تأتى لنا وللوطن عودة الأمن والاستقرار بنسبة كبيرة كما هو الآن.ندعو لكم بالتوفيق في معالجة بعض المسائل الطارئة بما يضمن تفاديها مستقبلاً، وندعو لكم بالثبات والنجاح في مساعيكم لخدمة البحرين وأهلها، فشكراً لكم.