بعد يومين من تصريحاته الاستفزازية خرج المستشار الخاص للرئيس الإيراني للشؤون الدينية والأقليات علي يونسي عبر فضائية «العالم» الإيرانية ليقول إن العالم كله فهم كلامه خطأ! هكذا ببساطة، لذا فإن تصريحات يونسي الجديدة عكس القديمة تماماً ومناقضة لها.في تصريحه الأول قال بوضوح «سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءاً من إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية». وفي تصريحه الجديد قال «الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تسعى أبداً إلى الإساءة إلى سيادة دول المنطقة واستقلالها أو التدخل في شؤونها الداخلية، ولاسيما العراق، وإن الحدود المرسومة بين دول المنطقة شرعية، وإيران لا تفكر بالتوسع أو التدخل في شؤون دولها وتحترم سيادتها على أراضيها وتحترم وحدة أراضي العراق واستقلاله»، وأيضاً «الإمبراطوريات السابقة في المنطقة لن تعود، لكن يمكن أن يحل محلها التنسيق الثقافي والاقتصادي والسياسي بين دول المنطقة». أي أن يونسي سعى في تصريحه الجديد إلى محاولة إقناع الجميع بأن اللون الأحمر الذي عرضه أمس لم يكن أحمر بل أخضر، ولكنهم يعانون من عمى الألوان!هذه مشكلة كثير من المسؤولين الإيرانيين؛ يرمون «المرادم» ثم يقولون إنكم لم تفهموا المقصود، ولأن هذه ليست المرة الأولى التي يتجاوز فيها مسؤول إيراني حدوده ويقول ما يحلو له قوله ثم ينفي ما قاله ويأتي بقول آخر، لذا فإن أحداً لن يصدق قوله الجديد إلا إن اقترن بعمل يؤكده، لأنه من الطبيعي أن ينفي المسؤولون الإيرانيون قولاً مثل أن العراق عاصمة لإيران، خصوصاً بعدما عبرت وزارة الخارجية العراقية عن استغرابها واستنكارها ورفضها لمثل هذه التصريحات. ورغم أن يونسي حاول أن «يرقع» إلا أنه فضح بتصريحاته الجديدة بلاده من حيث لم ينتبه، ذلك أن قوله إن «التنسيق الثقافي والاقتصادي والسياسي بين دول المنطقة يمكن أن يحل محل الإمبراطوريات السابقة»؛ لا تفسير له سوى أن إيران تسعى إلى أن تفرض نفسها على المنطقة، خصوصاً وأن دول التعاون تتخذ منها موقفاً بسبب احتلالها الجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات وترفض تصريحاتها المتكررة بشأن البحرين. ترى كيف يمكن التنسيق بين دول مسالمة ودولة يكشف مسؤولوها بين الحين والحين عما في نفوسهم وما يأملون بمثل هذه التصريحات غير المسؤولة؟ بالمناسبة إيران لم تعلق بعد على ما نسب للدكتور عبدالله النفيسي بأنها «ستنظم استفتاء في العراق لضمه إلى إيران تماماً كما ضمت روسيا القرم مؤخراً»، وأن «الفكرة قيد التداول والمناقشة الجدية في مجلس تشخيص مصلحة النظام وفي مجلس الخبراء الذي وضع ورقة إيران رؤية 2025». ولأن عدم الرد قد يفهم منه أن الاتهام غير بعيد عن الواقع لذا ينبغي أخذه على محمل الجد، وهو في كل الأحوال يمنع من الدخول في خطوة «التنسيق» التي يبشر بها يونسي، لأن التنسيق في هذه الحالة لا معنى له سوى التسيد وإدارة المنطقة على الهوى الإيراني. بالتأكيد لن تكون تصريحات يونسي الطائشة الأخيرة التي يمكن أن نسمعها من المسؤولين الإيرانيين، فما صارت فيه إيران وما تحلم به سيدفع بآخرين من مسؤوليها إلى رمي «مردام» جديدة قبل نفيها ثم القول إن الجميع فهمها بشكل خاطئ وأن الجميع يعاني من لوثة في عقله ومن مشكلات في قدراته في الفهم والتحليل والاستنتاج. لا أحد سيصدق موقف إيران من العراق إلا إن رفعت يدها عن هذا البلد الذي كان جميلاً، ولا أحد سيصدق أن كل ما تسعى إليه هو «التنسيق» مع دول المنطقة إلا إن انسحبت من الجزر الإماراتية التي احتلتها وأوقفت تصريحاتها المنفرة عن البحرين.
Opinion
المستشار ينسف تصريحاته
15 مارس 2015