حين أعلنت وزارة الداخلية ممثلة في إدارة المرور عن تفعيل حزمة قوانينها المرورية مشفوعة بقائمة الجزاءات المالية القاسية تجــاه المخالفيــن؛ عمــت الاحتجاجــــات والتندرات التي تعترض على صرامة القوانين وعلى ارتفاع كلفة المخالفات. وفي يوم بدء تفعيل تطبيق قوانين المرور المذكورة كانت نسبة الالتزام بها تتراوح بين 70% إلى 100%، حسب تصريحات إدارة المرور، ورافق الالتزام مرتفع النسبة بالقوانين التزام كلي بالصمت.ظواهر مرورية كثيرة نستطيع الزعم بانقراضها، مثل قطع الإشارة الحمراء في الثواني الأولى من بدئها تذرعاً بأن الإشارة مازالت «برتقالية»!!، لقد صرنا نتوقف بمجرد رؤية الإشارة برتقالية. سرعة السيارات انخفضت بشكل ملحوظ، والذين يداهمونك من الخلف في سرعة جنونية وينذرونك بإضاءاتهم القوية لتخلي لهم الطريق يندر أن تصادفهم هـــذه الأيــام. وقد لاحظت في طريقـــي الصباحي إلى العمل الذي يثير أعصابي وأعصاب الكثيرين بسبب وقوفنا الطويل عند المنعطف المؤدي إلى بوابة وزارة التربية والتعليم وبسبب زيادة تعطيلنا من قبل القادمين من الطريق الآخر السريــع باقتحامهم المستفز لنهايـــة المنعطــف، لاحظـــت، أن إدارة المـــرور كلفـــت اثنين من رجال المرور بضبـــط المنعطف حيث يقف أحد الشرطيين عند رأس المنعطف مانعاً اقتحامه، ويقف الآخر عند الرصيف ملوحاً بكراسة المخالفات التي تتوعد في صمت كــل من يتجاوز حق الآخرين ويتعدى على صبرهـــم، وبذلــك سـار الطريق أكثـــر انسيابية وأقل ازدحاماً.كان ينقص شوارع البحرين، فقط، أن يتم تطبيق القانون بحزم، وأن يتم نشر آلاف الكاميرات الرقمية المتطورة القادرة على اختراق هياكل السيارات لتكشف مدى التزام السائقين باستخدام حــزام الأمــان. حيــث لــم ترعـب الناس الحوادث المميتة التي لا ينقضي أسبوع أو أسبوعان حتى نفجع بأحدها. لم تثنهم الغرامات البسيطة التي تحصلها إدارة المــرور منهــم نهايــة كــل عــام، فبعضها كان يسقط بالواسطة. ولم يلتزم الناس بحرفية القوانين إلا حينما تم تسليط سيف الغرامات الباهظة على أعناقهم وإدراج عقوبة السجن.تطبيق القانون سمة حضارية، والالتزام بـــه ينم عن تحضر الشعوب، والالتـــزام بالقانون من قبيل خوف العقاب يعبر عن سلوك إنساني يخشى الرقيب ويتجاوز حين يأمن العقوبة. وتراخي إدارة المرور في تفعيل العقوبات بحزم سيجعل شوارع البحرين تعود لحالها القديم في المماطلة بالالتزام بالقانون. فتحية لوزارة الداخلية، وألف شكر لإدارة المرور، وعساكم على القوة.