شئنا أم أبينا لابد للترويج للوجه الثقافي للبحرين في العالم بميزانية ترويجية، تتناسب مع حاجتنا لهذا الترويج لهذا الوجه الحضاري.البحرين ليست مولوتوفاً ورجال أمن محترقين ومقتولين وجماعات دينية متشددة، كلما أدرت محرك البحث تصدرت لك، هذه، أخبار على الواجهة وعلى رأس القائمة.للبحرين وجه ثقافي وحضاري وتاريخي بإمكانه أن يتصدر هو واجهة وقائمة البحث وبإمكانه يكون عنصر جذب سياحي يستقطب ملايين الزوار، ويكون لنا مصدر دخل ومورداً لا ينضب.إنما قبل أن تستقطب الزائر عليك أن تستعد ببنية تحتية تضع فيها تراثك الحضاري في وعاء عصري يسر الناظرين كي يعرف الزائر كيف امتدت حضارية هذا الإنسان منذ 5000 سنة إلى اليوم.وهذا ما قامت به الثقافة منذ كانت قطاعاً ثم انتقلت إلى وزارة مشتركة مع الإعلام ثم وزارة ثم هيئة. إن ترميم القلاع وبناء المتاحف والمسارح ومعارض الفن ليست لعبة مسلية ولا شغفاً بالحجر بلا معنى أو سبب، تلك بنية تحتية ضرورية لا بد أن تستكملها قبل أن تفتح بيتك للزائرين وتدعوهم لها، ورغم أن البناء لم يستكمل بعد وهناك العديد من الاحتياجات لاستكمال هذه البنية كطريق اللؤلؤ وغيره، حتى يأتي الزائر ويرى أمامه سلسلة من المواقع تحتاج لأكثر من يوم للمرور عليها تجبره على تمديد زيارته لأكثر من يوم، إلا أنه بالإمكان البدء الآن بدعوة الأفواج السياحية استناداً على ما تم إعداده وتجهيزه، ولكن هل بإمكانك أن تقوم بهذا العمل دون ميزانية ترويجية ودون خطط للبحث عن الأفواج السياحية ووجهتها؟هذا من جهة، ومن جهة أخرى ألا تحتاج البحرين أن تعرف المجتمع الدولي على وجهها الثقافي الضارب في العمق التاريخي لتعادل به الجانب الآخر الذي شوهه خونة الوطن وجرحه من وجهها العصري؟ البحرين بحاجة إلى أن تتحدث ديلمون وتايلوس نيابة عنها وتخاطب العالم من خلالها، البحرين بحاجة أن تتحدث قلاعها نيابة عنها عن تلاقح الحضارات على أرضها، هذا وجه آخر للعملة البحرينية نحتاجه للتعريف بالبحرين لدوافع سياسية أيضاً.هذا العمق التاريخي تبحث عنه دول جديدة التكوين تسد به نقصها، تستلفه وأحياناً تسرقه وتدعيه لنفسها كما تفعل إسرائيل ونحن في البحرين نملكه لكننا لا نعرف ولا نقدر ولا نثمنه كما يستحق.دول أخرى تملك نصف عدد قلاعنا ونصف عدد متاحفنا ونصف عدد مواقعنا الأثرية وتوظف هذا البسيط في الترويج لعمقها التاريخي والحضاري وتوظفه وتجعل منه مورداً للدخل لا ينضب.ونحن نتعامل معه وكأنه لعبة ترف لا نحتاجها الآن ولدينا أولويات، لا أدري كيف نفكر حين نقلل من أهمية تجميل ما شوهه خونة الوطن، ولا أدري كيف نفكر حين نقلل من أهمية التعريف بوجهنا الثقافي؟ ولا أدري كيف نفكر حين نقلل من أهمية استكمال البنية التحتية لاستقطاب السياحة الثقافية؟ فهناك دول وظفت المواقع الأثرية بنت بنية تحتية امتدادية للموقع الأثري وجعلت من المساحة المحيطة بها مساحة متعددة الأنشطة يأتي الزائر يدخل القلعة ثم متحفها ثم داراً للعرض المسرحي ثم موقعاً للعب الأطفال مجاوراً ثم سلسة المطاعم المحيطة وغيرها من الأنشطة ما يكفي لقضاء يوم سياحي كامل في موقع واحد، فموقعك الأثري نقطة ارتكاز لمشاريع سياحية ضخمة بالإمكان إعدادها وجعلها مورداً للدخل لا يقدر بثمن.هذه السياحة تستقطب الآلاف إن لم يكن الملايين إن أعددنا لها جيداً وإن روجنا لها جيداً لذا فإن الحاجة لميزانية للترويج عن وجه البحرين الثقافي ليست ترفاً الآن بل ضرورة لأسباب ودوافع أمنية وسياسية وكذلك لدوافع اقتصادية.وضع البحرين على خارطة السياحة الثقافية العالمية ليس لعبة ترف تتسلى بها وزارة الثقافة سابقاً وهيئة الثقافة حالياً، بعد كل هذا الكلام أتدرون أن هيئة السياحة حتى اللحظة بلا ميزانية ترويج؟.. فهل تعاقبون الثقافة أم تعاقبون البحرين؟!! هل نحن أمة بنت كل هذا الجبل التاريخي الضخم ثم بعد أن انتهت منه رمته في البحر؟ أينطبق علينا القول يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟
Opinion
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!
16 مارس 2015