الجهل عدو الإنسان؛ كالتطرف والغلو، فالجهل والتطرف يفعلان بالإنسان ما لا يستطيع العدو، وهما في الوقت نفسه سلاح قوي في يده يستطيع أن يستغل نقطة ضعف كل من الجاهل والمتطرف بسهولة ويسر، ويكون رهن إشارته يفعل به ما يشاء، وقد يتفاوت التطرف والجهل من زمن لآخر، وهما مرهونان بالمتغيرات الثقافية والسياسية والبيئية وغيرها، وأعطي الجهل بالدين مثالاً كالتطرف، ولأن الإنسان يتميز بالعقل والإدراك فهو مسؤول عن تطرفه وجهله في الأمور المختلفة والمحيطة به، والتي بالتأكيد تحدد مصيره ومصير المحيطين به والبيئة التي ينتمي إليها الفرد.التطرف مشكلة من المشاكل الرئيسة، حيث باتت المجتمعات تعاني من ظهور فئة تركت الاعتدال ولازمت التطرف السلبي، إذ نتجت عن أيديولوجية وفكر يصعب تحديد متى وكيف بدأ هذا الأخطبوط يمتد بأذرعه في كل مكان، والذي تحول من مجرد كونه فكراً إلى سلوك يؤثر بشكل واضح في الجوانب المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية، فالتطرف أصبح ظاهرة تكاد أن تكون فيروس العصر، كالجهل في الدين، يعاني من أعراضه بعض الشباب، وهم أكثر الناس عرضه بأن يتاجر البعض بعقولهم، وسلعة سهلة يتراهنون بها على مصائرهم.فالجهل في الدين مصيبة تكمن في مصداقية المعلومات التي يتلقاها الشخص من البعض، أهي صحيحة أو مغلوطة أو لا تمت للدين بصلة، مما يعرض نفسه بأن يكون فريسة سهلة بأن يستدرج للتطرف والإرهاب فيبدأ بالانعزال عن المجتمع والغلو في الدين والتكفير والعنف غير المبرر.العالم بأسره يشهد اليوم هذا التطرف الناتج عن الجهل، الذي اختلط عنده مفهوم الجهاد بالإرهاب، وبين الإنسانية والهمجية، وبين ما يرضي الله عز وجل وما يغضبه، جاهلين بأن الدين دين يسر ووسطية واعتدال في كل شيء حتى في العبادة، فليس كل قارئ للقرآن عالماً بأحكامه، وليس كل من يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم من الظاهر كالذي يقتدي به من الباطن، ولو كان ذا علم بالدين الصحيح الوسطي لما ترك نفسه للجهل أو التطرف، وكان معرضاً لهذه الظاهرة المرضية الذي ينشرها باندفاع التطرف وليس حباً في الدين.جميعنا؛ مؤسسات تعليمية ومؤسسات دينية معتدلة وأولياء أمور وباحثين وعلماء جميعنا كمجتمع واحد تقع على عاتقنا مسؤولية الحد من انتشار هذا المرض، نحن مسؤولون بأن ننتبه بألا يترك الأطفال والشباب «يتمرجحون» بين الجهل والتطرف، علينا أن نوعيهم ونراقبهم على أن ينهجوا الدين الصحيح المعتدل وليس نهج الغلو في الدين، وعلى الدولة والمؤسسات الدينية أن تردع كل متطرف يتاجر بالإسلام، على وزارة التربية والتعليم أن تكرس جهودها في منهج التربية الدينية واللغة العربية والمواطنة بألا تكون المواد سطيحة، عليها أن تغير هذه المناهج بالكامل بعد أن عم هذا الجهل على بعض الطلبة مما جعلهم يقصدون مؤسسات دينية من الظاهر ومتطرفة لحد التكفير من الباطن. على وزارتي الداخلية والإعلام وضع ضوابط في المواقع الإلكترونية حتى لا تكون هذه الشبكة أداة سهلة للتطرف، على وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أن تنتبه لائمة المساجد وخطبائها، وألا يتركوهم يتلاعبون بالكلمات باسم الدين ويحثون المصلين باسم الغيرة على الإسلام إلى التطرف، فمن يظن بأن ابنه أو ابنته غير معرضين للتطرف فهو مخطئ، جميعهم معرضون لغسيل في أدمغتهم ما لم يكونوا على نهج الاعتدال، مخطئ من يستبعد انتشار هذا المرض، فالشباب والأطفال دائماً يحبون التغيير والمغامرة، والتجربة لديهم خير برهان. ودائماً نقول خير الأمور أوسطها، والوسطية في الإسلام تحقق مبدأ التيسير الذي يعتبر ميزة وخاصية اختلفت عن باقي الأديان، فالاعتدال في الدين وفق الضوابط الشرعية مطلوب وهذا ما يجعل من الدين ينتشر بصورة صحيحة وبقواعده الثابتة.
Opinion
هل التطرف والجهل ظاهرة مرضية؟
17 مارس 2015