بلغت القيمة الإجمالية لاتفاقات الاستثمار والمنح والمساعدات التي وقعتها مصر في مؤتمر شرم الشيخ ما يربو على 38.2 مليون دولار، فضلاً عن 12.5 مليون دولار تعهدت بها السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان، إضافة إلى تفاهمات بمبلغ 92 مليون دولار، لم توقع في شكل نهائي. نتائج المؤتمر فاقت توقعات الجميع، وهي عكست ثقة بالأوضاع الأمنية، وكانت شهادة سياسية بالغة القوة للحكم في مصر.لكن بعض المصريين شكك في انعكاس هذه النتائج على المواطن المصري البسيط، مشيراً إلى أنها ستصب في مصلحة المستثمرين على حساب المواطن الفقير. وكان الدكتور زياد بهاء الدين، وزير التعاون الدولي نائب رئيس الوزراء السابق، كتب، قبل أيام، مقالاً في «الشروق» عن «خمسة تحديات أمام المؤتمر الاقتصادي»، رأى فيه أن الخطاب الرسمي والإعلامي السائد «رفع التوقعات في شكل مبالغ فيه»، واعتبر أن انعقاد المؤتمر «هدف وليس مجرد وسيلة». وأشار إلى ضرورة الواقعية في الحديث عن النتائج، «كي لا يصاب الشعب بالإحباط حينما ينتهي المؤتمر ويرحل الضيوف». وهو ذكّر بأن هدف المؤتمر تغيّر، كان «من أجل إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات العامة وتجديدها، ولكن مع الوقت حدث تحول تدريجي من التركيز على تمويل البنية التحتية من طريق منح وقروض ميسرة تقدمها الدول والمؤسسات الصديقة، إلى الحديث عن جذب استثمارات خاصة والترويج لمشروعات تجارية».لا جدال في أن تغيير هدف المؤتمر كان مفيداً، وهو انتقل من تجمعٍ للمانحين إلى منافسة بين مستثمرين. كلام بعض المصريين، الغيور، عن مؤتمر شرم الشيخ، سوف يستمر، وربما، زاد خلال السنوات الثلاث المقبلة، فالنمو الاقتصادي، عادة، لا ينعكس على الطبقات الفقيرة والمتوسطة بسرعة إنجاز المشروعات، ناهيك عن أن الفساد يمنع استفادة هذه الطبقات من الإنجازات. وهو ما حدث خلال حكم الرئيس حسني مبارك، والمتابع للنمو الاقتصادي في السنوات الثلاث الأخيرة لحكمه، سيجد أن الاقتصاد المصري حقق نسب نمو عالية، لكنها لم تحقق ما كان يتوقعه بعضهم بسبب طبيعة وصول النتائج والفساد.لا شك في أن مصر، مثل غيرها من الدول العربية، تعاني الروتين، الذي كان، على الدوام، عقبة أمام نمو اقتصادها، والمستثمرين، فإصدار ترخيص لشركة يمر على ما يقارب 200 توقيع، وأكثر من 75 جهة حكومية للموافقة عليه، وفي أحسن الأحوال يستغرق المستثمر سنة ونصف السنة، للبدء في المشروع، ناهيك عن العثرات التي تقضي عليه بعد ذلك.الأكيد أن مؤتمر شرم الشيخ فرصة اقتصادية تاريخية، لا تتكرر دائماً، للاقتصاد المصري. لكن مصر تعاني عدواً تاريخياً اسمه «البيروقراطية»، وهو لا يقل خطورة عن الإرهاب. إن نجحت في لجمه، ستزدهر.- عن صحيفة «الحياة»