لماذا لا تحسبونها صح؟!هذا حديث عام موجه لكثير من مسؤولي الدولة ووزرائها، هو في أساسه مبني على عدة أمور ومسائل متفرقة حصلت ومازالت في بعض القطاعات، وكثير منها تسبب بلغط وبلبلة في الشارع البحريني، ولربما ألقى بتأثيراته على الخارج سواء من خلال وسائل إعلام أو تأثر حتى كيانات ومؤسسات، وبسببها اضطرت الدولة عدة مرات للتدخل لتصحيح المسار ووضع حد لأمور مؤشراتها كانت تفرض توقع نوع من الفوضى وردود فعل وحتى ربما حراك داخلي.لن نفصل ونشير لمسألة واحدة فقط، إذ كما بينا أن هناك حالات متكررة لسياسات تقر، أو مشاريع يتجه لتنفيذها، أو فعاليات يخطط لها، كلها تفرض على الدولة عيش حالة من التوتر والغليان، خاصة حينما يتحرك عموم الشارع في اتجاه غاضب مستاء.لماذا لا نحسبها صح كمسؤولين في الدولة؟! لماذا قبل أن نقدم على شيء، لماذا لا نحاول استقراء ردود فعل الناس، خاصة إن كانت الأمور معنية بهؤلاء الناس؟! لماذا لا نضع قائمة واضحة ومحددة تبين في خانة واحدة مكاسب هذا المشروع أو الفعالية أو التوجه على البلد ومواطنيه، وفي خانة أخرى ماذا يمكن أن يضر منه؟!الفكرة فيما نقول هنا، بأن التوجهات والمشاريع ما وضعت إلا بناء على قاعدة أساسية، تتمثل بأن فائدتها ومكاسبها يجب أن توجه في مقام أول للدولة والمواطن، وعليه فإن كل مالا يحقق «المكسب» لهما يوضع مباشرة في خانة «عدم الجدوى»، وعليه من الأنجع استبداله بأمور أخرى تحقق الفائدة الفعلية، وتستجلب رضا الشارع والتفافه حولها.أعرف أن كثيراً الآن يحاول إسقاط ما ورد أعلاه على حالات معينة، وربما آخرها حصل حديثاً جداً، لكن الفكرة هنا بأنه حتى لو وجدت في أي مشروع وتوجه أو فعالية أو غيرها مرحلة «التخطيط» التي تقع في بداية أي عمل، فإن التخطيط بمعزل عن أية دراسة جدوى مسبقة، أو أي محاولة استشفاف ردات الفعل، فإن النتيجة غالباً ما تفاجئ القائمين على هذه المشاريع، تضربهم فجأة هكذا في الرأس وتبين لهم بأن النتيجة جاءت مغايرة وعكسية رغم الجهود المبذولة.كم لدينا من مشاريع فشلت؟! وكم لدينا من فعاليات بدلاً من أن تجمع الناس وتحقق لهم السعادة والفرح والبهجة جاءت بنتيجة عكسية فولدت لديهم الغضب والسخط؟! وكم من توجهات وضعت القائمين عليها في مواجهة مع الناس وممثليهم في البرلمان، بل ودفعت أصحاب القرار في الدولة للتحرك بجدية لمنع أي انفلات أو تفاقم للموقف؟!عندما نحسب الأمور بشكل صحيح ودقيق، ونحرص بألا نجعلها بمعزل عن الشارع وردة فعل الناس، والأهم قياس تأثيرها على المزاج العام، فإن هذا يجنب كثيراً من القطاعات والمسؤولين ضياع الجهود أو انصباب الغضب والسخط عليهم، والأهم يجنبهم ضياع جهودهم السابقة في مشاريع وأعمال وتوجهات كثير منها عاد بالفائدة حينما يحل محلها انطباع سيئ وردة فعل لا ترحم.وهنا فقط ملاحظة بسيطة، حينما نقول «احسبوها صح»، فإن هذه المعادلة ينبغي أن تتجرد من أي حكم على الناس وتوجهاتهم ومزاجهم وموروثاتهم وعقائدهم، إذ أي حراك أو توجه يتجاهل هذه العوامل، ويتعامل مع الناس وكأنهـــم أرقام لا أكثر ولا أقل، ولا يهم رأيهـــم ولا ما يمس ما يؤمنون به ولا قناعاتهــم وثوابتهم ولا يتسق مع ضوابط الدولة التي حددها الدستور كالقانون والدين وغيــرهــا، أي حراك يخالف ذلك وكأنه لا يكترث بأسس تنظيم الدولة ولا بثوابت المواطنين، وهذا ما يحول بعض الأمور إلى ما يشابه «القنبلة الانشطارية» في تأثيرها وانفجارها.
Opinion
21 مارس 2015