إذا كانت فرنسا أم وثيقة حقوق الإنسان الشرعية ومصدرها ومنبعها بدأت تعيد النظر في «الحريات» التي منحتها وثيقتها الدولية لحق التعبير وحق الخصوصية ومثلها سبقتها بريطانيا وبلجيكا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت تقيدها وتضع الضوابط عليها وتحد منها بعد أن أطلقتها قبل قرن بلا سقف وبلا حدود، ثم جعلت من هذه السماء المفتحة في الحريات «معايير دولية» تقاس بها الانتهاكات وتدان بها الدول، فإذا كانت أم الحريات تعتذر الآن عن خطئها وتعيد النظر في «معاييرها» حين طالها الإرهاب واكتوت بنار سوء استغلال ذلك السقف، فعن أي «معايير دولية» نتحدث حين يتعلق الأمر في المفاضلة بين أمن الجماعة وأمن الفرد، حق الإرهابي وحقوق الوطن؟ المعايير الدولية أصبحت متقلبة يا عزيزي.. صح النوم.الحج سنوياً إلى جنيف أو البقاء في البحرين وانتظار عطف أي من السفراء ما عاد مجدياً لممارسة أية ضغوط على السلطات في البحرين، فضغط شعب البحرين برمته أكبر من أية ضغوط دولية على أي فرد في أي موقع أو منصب كان يفكر مجرد التفكير بالتسامح أو التغاضي عن كل من انتهك حقه في الأمن والأمان إكراماً لضغط دولي أو لعيون أي دولة أجنبية.دفاع شعب البحرين عن أمنه واستقراره شرس لا يتهاون الآن فيه خاصة بعد أن رأى حجم المؤامرة المستمرة على دول المنطقة، ورأى وحدة الحراك في الدول العربية ومصدره، وبعد أن رأى من كان يتخفى تقية بدأ يكشف وجهه ويعلنها، فالحوثيون وحزب الله وميليشيات الحشد الشعبي ومن يذهب حجاً سنوياً إلى جنيف من البحرينيين ومن يدافع عنهم هنا في البحرين كلهم سلة واحدة وعملاء لجهة واحدة، أجنحة عسكرية تساندها أجنحة سياسية وإعلامية.من يريد خيراً للبحرين ومن يريد خيراً لجماعته ولطائفته عليه أن يبدأ بنقد ذاته وبتصحيح أخطائه وموقفه المفضوح، لم تعد جنيف مصدراً «للابتزاز» ذاك زمان ولى، و«الدولة» في مملكة البحرين حين تشارك بأجهزتها الرسمية أو بمؤسساتها المدنية في جلساتها تشارك لتوضيح موقفها والدفاع عن مكتسباتها وأمنها واستقرارها دون أن تخضع للابتزاز وللتهديد، كما تفعل بقية الدول وأولهم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، البحرين على ثقة بأنها تسير بخطى سليمة.والدول التي كانت تبتز البحرين بدأت تتعلم منها كيف حاربت الإرهاب وتغلبت عليه، ها هي فرنسا وهي أم الحقوق الإنسانية تضيف قيداً كل يوم على الحقوق والحريات الفردية، معايير دولية جديدة بدأت ترسم ملامحها بعد أن أساء زعماء وعبيد الثيوقراطيات -من أمثال جيش المدافعين- لها أسوأ استغلال، زعماؤها بعمائهم ولحاهم وعبيدها ظلوا عبيداً حتى بعد أن لبسوا ربطات العنق وتحدثوا بلكنة أجنبية ووقفوا خلفها يشكلون كتيبة الدفاع الأولى عنها وعن بلطجيتها.مهما تملقتم ومهما تجملتم فقبح العلاقة الآثمة بينكم وبين زعماء الثيوقراطيات فاقع لا تخفيه كل مساحيق التجميل.لا طائل اليوم من الحج لجنيف ولا طائل من مسح أحذية السفراء ولا تنفعكم كل تصريحات إيران بدءاً من خطب خامنئي وصولاً إلى كل «الآليات» الأخرى «روحاني ومنسي ومنتظري وولايتي ويي ويي ويي» جميعهم لن يحركوا «فتايل أذننا». هناك الكثير ممكن إنجازه لخيركم ولخير مجموعتكم ولخير الوطن، فالإصلاح رحلة لا تنتهي ولا تتوقف والفساد والخراب والتخلف عبء نحمله جميعاً يؤخر مسيرة الوطن التنموية، فإن أردتم الإصلاح فعلاً فدونكم المؤسسات البحرينية نصلحه سوياً وحدنا وبأيدينا وبتكاتف إرادتنا الشعبية، أما الإصرار على المضي قدماً في الانفراد وتقسيمنا إلى بونغو وكونغو ومونغو فلن يجديكم نفعاً.
Opinion
المعايير الدولية متقلبة يا عزيزي
22 مارس 2015