خبر شن السلطات الإيرانية حملة اعتقالات لمئات من مشجعي كرة القدم من الأحوازيين عقب المباراة الأخيرة بين فريقي الهلال السعودي وفولاذ خوزستان الإيراني على ملعب تخيتي بالأحواز ضمن منافسات المرحلة الثالثة من دوري أبطال آسيا الثلاثاء الماضي؛ كان الخبر الأبرز بين الأخبار الرياضية والسياسية، أما سبب تلك الحملة فكان ترحيب الأحوازيين بالفريق السعودي بطريقة اعتبرتها إيران استفزازية ومؤذية لها، خصوصاً وأنهم هتفوا لصالح الهلال ورفعوا لافتة في الملعب مكتوباً فيها «الهلال العربي أهلاً فيك في ديار الأحواز العربي»، بينما نشر قبل المباراة إعلان كتب فيه «دعوة عامة لجماهير شعبنا العربي.. الأهواز أهوازنا.. كل الخليج أعزازنا»، وتضمن موعد ومكان المباراة. الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي أكدوا تلك الأخبار وذكروا أن تهمة المعتقلين كانت أنهم «رفعوا لافتات للترحيب بالسعودية وأبناء العمومة في إقليم الأحواز»، وأشاروا إلى اشتباكات وقعت بين الأحوازيين والسلطات الإيرانية خارج الملعب، وأن السلطات قامت بمحاصرة منطقة الملعب واعتقال العديد منهم، وسحب اللافتات الترحيبية، بينما كتب صحافيون تقارير أفادت بأن مدرجات الملعب شهدت عقب المباراة مصادمات عنيفة بين المشجعين الذين حضروا بالزي الخليجي والشرطة الإيرانية التي فجرت هتافات الجمهور «الإيراني» المناوئة لإيران غضبها، فجاء رد فعلها التعسفي على وقوف أولئك المشجعين مع الضيوف في المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي.المباراة هي الأولى التي خاضها الفريق السعودي في إقليم الأحواز، والواضح أن الأحوازيين حاولوا الاستفادة من العواطف التي سيطرت عليهم في المناسبة ليوصلوا رسالة إلى العرب مفادها أن لكم إخوة مظلومين من النظام الإيراني فالتفتوا إليهم. طبعاً الصحف والفضائيات الإيرانية وأولها «العالم» والقنوات التابعة لإيران والممولة منها مثل المنار والميادين وغيرها لم تنشر أو تبث أي شيء عن هذا الذي حدث، لأنها تعلم جيداً أنها ستواجه المصير ذاته لو فعلت، وتعلم أن كل ما ليس في صالح إيران التي تروج لنفسها على أنها حامية حقوق الإنسان ورافعة راية المظلومين في العالم ممنوع. ما حدث لم تتوقعه السلطات الإيرانية، ولعلها لم تنتبه إلى أنه بداية انتفاضة شعب مظلوم ضدها. أما الأحوازيون الذين كانوا ينتظرون تلك المباراة بشوق ليعبروا عن غضبهم ومعاناتهم من النظام الإيراني فأوصلوا بذلك رسالة إلى «من يهمه الأمر» من العرب لينتبهوا إلى أن لهم إخوة يعانون من ظلم الإيرانيين. الأحواز تقع شرق الوطن العربي تم احتلالها من قبل الفرس سنة 1925 في عهد رضا خان بقيادة الجنرال زاهدي وبالتحالف مع بريطانيا، يحد الأحواز من الغرب العراق ومن الجنوب الغربي الخليج العربي والجزيرة العربية، ومن الشمال والشرق والجنوب الشرقي جبال زاجروس الشاهقة الارتفاع والفاصل الطبيعي بين الأحواز وإيران. عدد سكان الأحواز يبلغ ثمانية ملايين عربي وتتمتع بثروات كثيرة منها النفط والغاز الطبيعي والزراعة.هذه المعلومات وحدها تكفي لمعرفة أسباب استفزاز إيران وإقدامها على إعلان حالة الطوارئ واعتبار ترحيب»مواطنيها» بأبناء عمومتهم جريمة تستدعي التعامل معهم بغلظة.الأحوازيون -رغم ما تعرضوا له من قمع واعتقالات في نهاية المباراة- سارعوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليواصلوا مشروعهم في فضح النظام الإيراني الذي ديدنه اعتبار كل أرض أرضه وكل سكان العالم شعوبه، وكل عواصمهم عاصمته!نحو مائة عام مرت على هيمنة إيران على الأحواز وشعب الأحواز، والظاهر أن مدة مماثلة ستمر على هيمنتها على العراق وسوريا ولبنان واليمن قبل أن ينتبه العرب إلى ما يدور حولهم، ولن يكون مستغرباً حينها قيام الشرطة الإيرانية باعتقال أي «مواطن إيراني» يتجرأ ويرفع لافتة ترحيبية بالفريق العربي الضيف في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن، أو ربما غيرها من «البلدات الإيرانية».