بعد إجازة قصيرة؛ عدت إلى دوامة الأخبار اليومية المحبطة، وجدت أننا ندور في ذات الدوامة منذ فترة، وكأن هذه الدوامة قدرنا، ربما لا نشعر بهذه الدوامة إلا إذا ابتعدنا عنها قليلاً، وإلا فإننا ونحن داخل الدوامة ندور معها ولا نشعر بشيء، العمر يمضي ونحن نرواح مكاننا.ذات الأخبار، ذات الأسطوانات؛ تفجير يصيب رجال الأمن في العكر، ويقال إن أحد رجال الأمن في حالة خطرة وقد يفارق الحياة، حتى خبر وفاة رجال الأمن أصبح عادياً عندنا أو عند المسؤولين، والخطأ ليس في شعورنا، ولكن الخطأ في تراخي الدولة وركونها وعدم الوصول للخلايا النائمة، وهناك قصور استخباراتي؛ فمثل هذه الأخبار لن تتوقف يوماً، لذلك أصبحت مشاهد القتل والحرائق أمراً عادياً، كهذا أرادت لنا الدولة أن نكون.وجدت لدى وصولي البحرين خبر أفرح الناس حين أوقف صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله فعالية (ثقافية) لإنسانة ملحدة وتجاهر بالإباحة الجنسية، وكأن ربيع الثقافة في كل عام يبحث لنا عن فتنة جديدة، وكأننا في هذا الوطن تنقصنا الفتن.ليس مستغرباً أن يخرج القرار من خليفة بن سلمان، فهو ملتصق بإحساس الناس وشعورهم ولديه من بعد نظر والحكمة ما يجعلنا نقول (الله يحفظه للبلد وأهلها)، وإلا فإن هناك من المسؤولين من يتصرف في البحرين وكأنها مزرعة بيته، يريد أن يأتي إلينا بكل ساقط وتدفع له الدولة الأموال ليبث سمومه فينا.الإنسان منا يعبد ربه ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله، ونحن مع كل ما نعمل ونعبد مقصرون وتغطينا الذنوب، لكننا نرجو رحمة الله ونخشى عذابه، فلن يدخل الجنة أحد بعمله، ولكننا ندخلها برحمة الله، لذلك نرجو رحمة ربنا ونسأله أن يرحمنا برحمته، لكن أن نصل إلى مستوى (الإلحاد الثقافي) فهذه كارثة.أخشى أن يقوم بعض المسؤولين بتصرفاتهم وبمشاريعهم واستفزازهم لأهل البحرين من حيث (يعلمون أو لا يعلمون) من إثارة شارع آخر، وهذا الموضوع خطر للغاية لا أتمنى أن نستمر في ذلك، قليلاً من العقلانية وحساب الأمور، فبعد المغني الأمريكي الذي جاء وتكلم بكلام فيه تحريض مبطن وصريح، ومن بعد مارسيل خليفة، أتينا بالملحدين، أي ثقافة تنشدونها للناس، احسبوا الأمور بشكل صحيح نرجوكم.من يريد أن يلحد فذلك بينه وبين ربه، لكن لا تجعلوها ثقافة للناس ولا تنشروها، فقد يحل علينا عذاب الله وغضبه، ونحمد الله أن لطف بنا في 2011.ليعذرني القارئ قليلاً، ذلك أني في هذا المقال من بعد غياب وكأني أتصفح كتاباً وأنتقل من صفحة إلى أخرى، قرأت بالأمس رأي المصرف المركزي حول الاقتراض المزمع أن تقوم به وزارة المالية لتغطية عجز الميزانية (بس السؤال كيف أصبح لدينا عجز؟) فقد طالب المصرف المركزي بتصحيح الاختلال بالميزانية العامة ومعالجة ارتفاع المصروفات، وأن زيادة الاقتراض تؤدي بالدين العام لمستوى عال يفوق الحدود الآمنة ويرفع كلفة الاقتراض، ويخفض التصنيف السيادي للمملكة.في ذات السياق قرأت خبراً أحسبه طريفاً بالنسبة إلينا كمواطنين والمصدر من وزارة المالية، يقول الخبر ما معناه «إن هناك استحقاق أقساط علينا كدولة»..!«أقساط؟!».. انتوا بعد عليكم أقساط، لا حول ولا قوة إلا بالله، هكذا أصبح حالنا، كنت أحسب أن عامة الشعب يعانون من الأقساط الشهرية المرهقة، وهي ربما أكثر كلمة تزعجهم، لكن اتضح أن البلد عليها أقساط.. (الظاهر مشترين بيت أو سيارة).!وزارة المالية بالمقابل تريد من مجلس النواب إقرار مشروع قانون زيادة سقف الدين العام، والمصرف المركزي ووزارة المالية جهتان رسميتان تختلفان في موضوع الدين العام، وهذا التضارب يعني أن هناك خطورة كبيرة لزيادة الاقتراض، وهذا قد يؤدي بنا إلى مرحلة أخطر وأكبر كلما تفاقم الدين العام وزادت أرباح الديون.من الواضح أن قروض الدولة ربوية، وهذا يعني أن الفائدة ستكون مركبة، بمعنى ستأتي علينا أعوام (وربما نحن فيها الآن) نقترض لندفع فوائد القروض، وليس القرض فحسب، (وشبح وضع اليونان ليس ببعيد).!من هنا نقول للدولة لماذا لا تبحث كيف يمكن الاستفادة من البنوك الإسلامية الكبيرة حول العالم في موضوع القروض، على الأقل ستكون كلفة الأرباح أقل خطورة من الأرباح الربوية.وزير المالية قال أمس في مجلس النواب إنه من الضروري الإبقاء على الدين العام في الحدود الآمنة، لكن السؤال هنا؛ ما هي الحدود الآمنة؟ من يقرر أن هذه الحدود آمنة؟ثم قال الوزير بما يحمل معنى: «إن إحداث تخفيضات سريعة في المصروفات العامة قد يضر بقطاعات كبيرة من المواطنين وبما حصلوا عليه من مكتسبات خلال السنوات العشر الماضية».!!غير أن المطلوب ليس تخفيض الأمور المتعلقة بمعيشة الناس، أنتم تخوفون النواب والناس بذلك، المطلوب هو تخفيض المصروفات غير الهامة وغير الضرورية، والتي تتسرب في الوزارات دون رقابة حقيقية.المطلوب هو ضبط الإنفاق وتكريس مبدأ المحاسبة على المسؤولين، هذا هو المطلوب، فما نقرأ عنه من ضياع ملايين في تقارير ديوان الرقابة يتواصل، هذا المطلوب إيقافه يا وزارة المالية، وليست الأمور المتعلقة بمعيشة المواطنين.الأسئلة المريرة والكبيرة والتي أوصلتنا إلى هذا الوضع من الديون، والبقاء تحت رحمة أسعار برميل النفط ومضاربات الأسواق، الأسئلة تقول: ماذا فعلنا كل هذه السنوات لتقليل الاعتماد على النفط؟ما هو اقتصادنا؟صناعي.. زراعي.. تقديم خدمات.. صناعة سياحة، مصارف، مصارف إسلامية.. ماهو اقتصادنا؟أزمة الدين العام في أصلها أزمة عدم وجود استراتيجية قصيرة وطويلة المدى لتقليل الاعتماد على النفط.لو نظرنا إلى مطار واحد في دبي أو أبو ظبي سنجد أن أحد هذه المطارات يدر دخلاً على الإمارات أكثر من ميزانية البحرين، وأكثر من قروضها مجتمعه.من هنا نسأل ماذا فعلنا كل هذه السنوات من أجل النهوض باقتصادنا.حتى اليوم وحتى الساعة لم نقرر كيف نقيم مشروعات تنوع مصادر الدخل، نضع ميزانيات مليونية كبيرة للثقافة وهي لا تدر دخلاً على البلد، بينما لا نضع ملايين لنقيم مشاريع سياحية كبيرة تستقطب السائح الخليجي، هذه الرؤية مفقودة، نقترض الملايين من الدنانير والظروف الإقليمية صعبة جداً، ونضع هذه الملايين في أتفه الأمور وفي حفلات ودعوات الساقطين لبلادنا.أزمتنا ليست أزمة دين عام، أزمتنا هي أزمة رقابة على الصرف، وأزمة محاسبة، وأزمة عدم تنويع مصادر الدخل منذ سنوات مضت، غالبية أهل البحرين يأخذون أسرهم لدبي أو قطر، حتى الوزراء والمسؤولون، السؤال لماذا يفعلون ذلك؟ببساطة شديدة لأنهم لا يجدون مثل مشاريع دبي الترفيهية والسياحية في بلدهم.أكبر عدد سواح يزور دبي هم من السعودية، ويذهبون بالطائرات غالبيتهم، لماذا يفعلون ذلك والبحرين أقرب لهم وبالسيارة؟لأن في دبي أمن وأمان أولاً، ولأن بها كل ما تحتاجه الأسرة السعودية والخليجية، الذي يجعل السعوديين يذهبون إلى دبي هو ذاته الذي يجعل الكويتيين يذهبون إلى هناك.نحن أضعنا الطريق، لم نقم بالتنمية الحقيقة التي تحتاجها بلادنا في البنية التحتية للسياحة، وحتى اليوم نفتقد هذا التوجه مع الأسف، ونتحدث عن تنويع مصادر الدخل بإسهاب..!من أجل ذلك سنبقى نقترض ونقترض، وقد نصبح مثل بعض الدول العربية مستقبلاً؛ هدر مالي، وعدم محاسبة، وعدم وجود اقتصاد غير نفطي سيؤدي بنا إلى أن نصبح مثل بعض الدول العربية.** رذاذإذا كان لديك تسرب مياه في بيتك، فإن خزان بيتك لا يمتلئ، وفاتورة المياه تأتيك مرتفعة، كيف تتخلص من كل ذلك؟فقط أوقف (تسرب المياه) يكون لديك خزان ممتلئ، ولا تأتيك فاتورة باهظة..!!** نداء من والدة أحد المعاقينوجهت والدة أحد المعاقين العاملين في مواقف السيارات المقابلة لفندق الريجنسي نداءً إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان من بعد أن تمت إقالة 8 معاقين يعملون في مواقف السيارات.وقالت والدة المعاق إن ابنها عليه قروض وقد تمت إقالته من بعد أن جاء مسؤول آسيوي جديد، أو ربما بحريني من أصول آسيوية، وقام بإقالة المعاقين البحرينيين، ووظف مكانهم أجانب.أنقل المشكلة كما قالتها والدة أحد المعاقين، والرجاء من بعد الله سبحان في صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه للنظر في موضوع المعاقين المقالين.
Opinion
ندور في ذات الدوامة..!
23 مارس 2015