أكثر ما كان يؤلمنا كشعوب خليجية أن حكوماتنا ذهبت مرتين للعراق بتوجيه أمريكي (كحلفاء) من أجل أن نقوم بالحرب نيابة عن إيران، فقمنا بمساعدة أمريكا على احتلال العراق، حتى تقوم أمريكا بتسلم العراق بعد ذلك إلى إيران ضمن مخططات المنطقة، والتحالف الصفوي الصليبي.ما عجزت عنه إيران عبر حرب ضروس امتدت 8 أعوام في الثمانينيات قمنا نحن كدول الخليج بمساعدتها لاحتلال العراق عبر الوسيط الأمريكي.وفي المرة الثانية، وقد حدثت مؤخراً، قمنا بالدخول في حلف مع الأمريكان أيضاً لمحاربة داعش التي كانت على تخوم بغداد، فحاربنا مرة أخرى نيابة عن إيران وبتوجيه أمريكي من أجل ان تأتي الميلشيات الشيعية المتطرفة لتبيد أهل السنة وتحرق الأرض ومن عليها، بعد أن كان الخوف ينتابهم وأخذوا يهربون من داعش.لم يكن للميلشيات الشيعية أن تتقدم خطوة دون غطاء جوي من التحالف، وهم يستنجدون كلما وقفت الهجمات الجوية، واليوم لا يستطيعون دخول تكريت رغم كل القوات والحشد والطائرات.كدول الخليج أيضاً، تركنا الانقلاب الحوثي في اليمن بمساعدة وخيانة من الرئيس السابق علي عبدالله صالح وذهبنا نرسل طائراتنا لمحاربة داعش في العراق وسوريا..!لا نقف مع إرهاب ضد إرهاب إطلاقاً، غير أن هناك أولويات، وهناك خطوات تأتي قبل أخرى، كان اليمن أهم من أن نتركه يقع في أيادي إيران عبر الحوثيين الخونة لوطنهم، كان علينا أن نقف في وجه الأمريكان لنقول لهم لن نحارب مرتين في العراق نيابة عن إيران.الحوثيون يرفعون لافتات الوهم والخداع والكذب (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) بينما الطائرات الأمريكية من غير طيار لا تقصفهم رغم كل جرائمهم وأفعالهم واستباحتهم للأعراض والحرمات وقتل الناس، الطائرات الأمريكية تقصف مواقع أخرى، ولا تقصف من يقول الموت لأمريكا..!!نحن من ضيعنا العراق وأهله وسنته وعشائره وقبائله، حتى بعض شيعة العراق العرب الأصيلين يرفضون احتلال إيران، لمعرفتهم أن إيران تستخدمهم وسيلة لأهدافها.خرج القائد الأمريكي السابق للقوات المتعددة الجنسيات ديفيد باترايوس قبل أيام وقال كلاماً لم يقله العرب، ولم تقله الحكومات العربية صراحة، قال: «إن خطر إيران والميلشيات الشيعية بالعراق أكبر بكثير من خطر داعش».وأعيد وأقول إننا ضد كل أنواع الإرهاب وأشكاله، لكن الأولويات تقول إن إيران وميلشياتها أخطر، وهي التي يجب أن تحارب وترسل الطائرات لقصفها من قبل التحالف الدولي وليس داعش.قد تكون مواجهة داعش تأتي بعد الخطوة الأولى، لكن لا تأتي قبل مواجهة المليشيات الشيعية المجرمة التي تحرق الأرض وتبيد أهل السنة وتهجرهم من ديارهم وتغتصب نساءهم.إذا كانت الدولة العبرية تحتل أجزاءً من فلسطين، فإن إيران اليوم تحتل العراق وسوريا ولبنان واليمن، وكان مقرراً أن تحتل البحرين، لكن الله وحده الذي لطف وسلم وهزمهم.4 عواصم عربية تُحتل من إيران؛ فمن الذي يجب أن يُحارب، ومن الذي يجب أن تتحرك ضده الطائرات والجيوش.القمة العربية التي ستعقد في شرم الشيخ يجب أن تخرج بقرارات مصيرية تحاكي الواقع المرير، الخطابات المخملية التي لا لون لها ولا طعم لا نريدها، دول الخليج قدمت دعماً قوياً لمصر، ويجب أن تشارك القوات المصرية والأردنية مع درع الجزيرة في وقف ما يجري من قبل الحوثيين وعلي صالح من أجل احتلال عدن، إسناد عدن أولاً لتحرير صنعاء ثانياً.على هذه الدول أن تجند أهل اليمن وتجمعهم على كلمة واحدة وتشكل الجيش اليمني والنفير العام، وأن يزود الجيش بالمنظومات والسلاح والطائرات لمواجهة الحرب الإيرانية في المنطقة وأولها اليمن.إننا كشعوب نسأل قادة الخليج؛ إذا ما قضت إيران على داعش في العراق، إلى أين ستتوجه ميلشياتها؟ ألا تسألون انفسكم هذا السؤال؟كلما قالت لنا أمريكا تعالوا نحارب في العراق ذهبنا دون شروط، ودون أن نعرف من نحارب، ونيابة عمن، ولمصلحة من؟استبشر الناس خيراً بخطوات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله حين استدعى مسؤولين خليجيين لموضوع اليمن، فهذه خطوة طيبة، لكننا ننتظر النتائج من هذا الاجتماع ومن قمة شرم الشيخ.إذا كانت هناك اختلافات في وجهات النظر مع تركيا فيما مضى فأعتقد أن الوقت والتحديات تفرض علينا اليوم أن نجلس إلى طاولة واحدة ونتفاهم، من أجل بناء حلف تركي خليجي أردني مصري باكستاني قوي في المنطقة.إذا كان هناك خلاف مصري تركي، فأعتقد أننا اليوم يجب أن ننتهي هذا الخلاف، فالأتراك يعرفون لغة المصالح جيداً، من هنا يجب أن تتحرك دول الخليج لإزالة هذا الخلاف فالمرحلة لا تحتمل ذلك، وتركيا قوة إقليمية كبرى يجب أن يستفاد منها ومن مواقفها ضد التوسع الإيراني بالمنطقة.حين امتلكت الهند السلاح النووي سعت باكستان وهي دولة فقيرة إلى ذلك، وكان لها ما أرادت، الهند لن تستخدم السلاح النووي ولا باكستان، لكن في السياسة هناك شيء اسمه «توازن الرعب»، بمعنى أن الطرفين كل منهما علم أن لدى الآخر ذات السلاح الذي يمتلكه، فيبقى كما هو ولا يفرض إملاءات على الآخر ويجنح للسلم قبل الحرب.هذا ما نحتاجه اليوم، إيران تتفاوض مع الغرب حول سلاحها النووي غير أن المفترض ألا نبقى نتفرج، وعلينا كدول الخليج والسعودية تحديداً أن نمتلك ما تمتلكه إيران من أجل «توازن الرعب» أو توازن الردع.السعي لوقف امتلاك إيران للسلاح النووي غير كافٍ ولن يجدي، المطلوب أن نمتلكه، عندها إيران سترتدع بنفسها ولن تخاطر، فأكثر لغة يفهمها الإيرانيون هي لغة القوة، هذه هي اللغة التي تردعهم وليس طاولة الحوار.في اعتقادي يجب أن يكون لدينا كدول الخليج خطاب قوي وموحد مع الأمريكان، نقول بالحرف إذا امتلكت إيران السلاح سنمتلكه، إما بالتخصيب وإما بامتلاك القنابل، هكذا يجب أن يكون الرد، وإلا فلا ينبغي أن نقول ونحن متقوقعين على أنفسنا أمنعوا إيران من امتلاك السلاح، هذا الخطاب خطاب الضعفاء، أما خطاب الأقوياء فهو أن نقول نحن سنمتلك ما تمتلكه إيرن وأكثر.حتى وإن كانت السعودية ومن خلال باكستان تمتلك الصواريخ والرؤوس النووية كما تسرب المعلومات، إلا ن ذلك أيضاً لا يكفي.قمة شرم الشيخ قمة مفصلية وهامة جداً، ويجب أن تخرج منها قرارات تواكب الواقع المرير، وأن يعلن عن تشكيل قوة عربية تشارك فيها قوات عربية وخليجية وتذهب إلى اليمن من أجل أن تساند الشرعية، ولا ننتظر قرارات مجلس الأمن، فإيران لا تنتظر قرارات مجلس الأمن في اليمن ولا سوريا ولا العراق ولا لبنان، فلماذا ننتظرها نحن؟في اعتقادي يجب أن تنسحب دول الخليج من الحلف ضد داعش على الأقل مؤقتاً، وألا يتكون الحلف لتحرير اليمن أولاً بأمريكا أو بدونها، ومن بعد ذلك يتم وضع سياسات واضحة للموقف من العراق وأحداث العراق والمليشيات الشيعية المجرمة في العراق.** رسالة إلى دول الخليج مجتمعةإذا كانت إيران تلعب بأمن دول الخليج بشكل شاهر وفاضح ومتبجح، متى تخصصون الملايين لنصرة العرب في الأحواز؟متى تقومون بذات أفعال إيران في البحرين ولبنان واليمن وسوريا والعراق وتسقونها من ذات الكأس، وتخلخلون أمنها الداخلي بدعم الجماعات المضطهدة في إيران من البلوش والآذريين والسنة والحركة الخضراء ومجاهدي خلق وبقية الأعراق؟بضعة ملايين أقل بكثير من قيمة طائرة اف 16 او اف 18 ستعمل الكثير داخل إيران وتشغلها بالداخل، فالداخل بالنسبة إلى إيران أهم وأولى من أن تذهب إلى الخارج.كلما تخلخل الداخل الإيراني «الهش» ستجدونهم يترنحون ويكفون أيديهم عن الخارج، وستضعف سيطرتهم في الخارج.متى يا دول الخليج تفعلون..؟
Opinion
متى نقول لأمريكا «لا».. اليمن قبل العراق؟!
24 مارس 2015