أكثر من مائة وخمسين قتيلاً ونحو أربعمائة جريح هي حصيلة عدة تفجيرات انتحارية في عدد من المساجد التي أقيمت فيها الجمعة الأسبوع الماضي في اليمن، وأكثر من خطاب بات يستمع إليه شعب اليمن من السياسيين الذين من الواضح أن كل واحد منهم رتب أموره وصار يعبر عن جهة معينة تدعمه بطريقة أو بأخرى، لسبب أو لآخر. كل هذا الذي يحدث في اليمن اليوم يقود إلى الجزم بأن هذا البلد العربي صار يقترب بقوة من الحرب الأهلية التي لن تبقي ولن تذر وستأكل أخضره قبل يابسه، وستزيد الشعب اليمني فقراً على فقر وستتيح للأجنبي فرصاً أخرى للتواجد في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لكل دوله.المنطقة إذاً مقبلة على أمرين خطيرين؛ الأول هو احتمال دخول شعب اليمن في حرب أهلية طويلة، خصوصاً مع دعوة الحوثي للتعبئة العامة وبسبب توفر السلاح لدى الجميع، والثاني الارتباك الذي ستسببه تلك الحرب وتلك الأوضاع التي ستعرض كل شعوب دول التعاون لكثير من الأخطار المتوقعة وغير المتوقعة. هذا السيناريو الذي للأسف هو الأقرب للواقع ستعيشه دول المنطقة بعد قليل، خصوصاً مع التحرك المريب لإيران في صنعاء وخروج عبدالملك الحوثي في كل حين وهو يهدد ويزبد ويرعد، ويتحدث بطريقة تؤكد لمتلقيها أنه مسنود بقوة.بكلام مباشر، لن تقبل دول التعاون، وعلى الخصوص المملكة العربية السعودية، التي تتصل جغرافياً مع اليمن بما تقوم به إيران هناك لأنها المتضرر الأول من كل ما يحدث في اليمن ومن كل التحركات الإيرانية فيه وفي المنطقة، لهذا فإنها لن تقف في خانة المتفرج وتنتظر حتى يأتيها ما يأتيها من اليمن ومن إيران. وبالمقابل لن تسمح إيران لنفسها بالتراجع بعد كل هذا الذي فعلته كي تحصل على موطئ قدم في اليمن، وبعد كل هذا الدعم السخي الذي وفرته لعناصر تبنتهم ورعتهم وأوصلتهم إلى مرحلة إطلاق التهديدات وتوزيع الاتهامات يمنة ويسرة، وبعد كل هذا التقدم الذي أحرزته في الملف النووي سواء في المفاوضات بشأنه أو في إمكانية توظيفه لخدمة الشر بغية السيطرة على المنطقة واستعادة الإمبراطورية الفارسية. كل المؤشرات توصل إلى نتيجة مفادها أن المنطقة مقبلة على وضع لا تحسد عليه، وأن الآتي خطير بل خطير جداً ويهدد مستقبل المنطقة برمتها، وليست الاجتماعات التي تنشر أخبار رسمياتها هذه الأيام إلا دليلاً على أن الخطب جلل وأن تطورات خطيرة ستشهدها المنطقة بسبب ما يجري في اليمن ويستدعي عقد تلك الاجتماعات.هذا يعني أن الكثير من الأبواب ستفتح، وأن الكثيرين سيتسللون إلى المنطقة لتتحول بعد قليل إلى ساحة مواجهات بين تنظيمات متطرفة ودول تبحث عن مصالحها وتدافع عنها، تماماً مثلما هو الحال في العراق وسوريا ولبنان. فإذا أضفنا إلى كل هذا أعمال الفوضى التي يمارسها البعض هنا وهناك لأسباب بعضها ظاهر وبعضها خفي، وعلمنا أن بين ممارسيها من هو مدعوم من قبل هذه الجهة أو تلك، فإن المشهد تكتمل عناصره ويبدو واضحاً، وتبدو من ثم معالم المستقبل الصعب الذي ينتظر الجميع ويهدد استقرار دول المنطقة، خصوصاً وأنها بدأت تعاني بالفعل من تأثير انخفاض سعر برميل النفط. بالتأكيد ستسعى دول التعاون لحماية نفسها وشعوبها من كل هذا الذي يحدث ومن كل ما هو متوقع أن يحدث، ولكن بالتأكيد أيضاً لا يوجد ما يضمن عدم جر دول التعاون لتصير جزءاً من الموضوع عبر الدخول كطرف في الصراع الدائر الآن في اليمن. مهم جداً في هذه المرحلة إطلاع شعوب التعاون على تفاصيل ما يجري في المنطقة كي لا تفاجأ فلا يكون لها دور موجب.
Opinion
الأخطار تقترب منا
25 مارس 2015