يصب تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والذي صدر قبل أيام قليلة، في صالح المدنيين في العراق بشكل عام، والعرب السنة بشكل خاص، فهي المرة الأولى التي يصدر فيها تقرير أممي يحدد الجهة المسؤولة عن هذه الأعمال، وبعد قراءة وتفحص في التقرير يجب الإشارة إلى أهم فقراته، وأهمها: أولاً: لقد اعتبر التقرير أن ما يحدث من انتهاكات من «داعش» أو قوات الأمن والميليشيات التابعة لها وما ارتكبته من جرائم قتل وتعذيب ومعاملة سيئة، وخطف رهائن وتهجير قسري وشن هجمات مسلحة على مدنيين عزل، ونهب بيوت وقرى، وتدمير ومصادرة ممتلكات معارضين لها، يقع ضمن مسؤولية الحكومة بالدرجة الأساس والتي من واجبها حماية الأشخاص الواقعين تحت سلطتها القضائية والقانونية وضمان المسؤولية القانونية عن جميع الجرائم المرتكبة.ثانياً: يعد التقرير ورقة يمكن الاستناد إليها لحشد دعم دولي من أجل التدخل لحماية المدنيين في العراق بصورة عامة والعرب السنة بصورة خاصة، وربط ما جاء فيه مع نظام مسؤولية الحماية الدولي، وهو نظام يلزم جميع الدول بحماية مدنييها من جرائم الإبادة الجماعية، وفي حال فشلت الدولة في تحمل مسؤوليتها في حماية المدنيين على أرضها، فإن المجتمع الدولي ملزم بحمايتهم بكافة الوسائل ومن ضمنها استخدام الفصل السابع، وهذا ما حصل بالفعل مع الأزمة الليبية.ثالثاً: أشار التقرير إلى أن العملية السياسية الجارية في العراق فشلت في التوصل إلى ضم جميع الأطراف في العراق، كما ذكر أن عملية «التحول في العراق» اتصفت بعدم الاستقرار وانتشار العنف والنزاعات المسلحة التي خلفت آلاف الضحايا من المدنيين، وهذه النقطة بحد ذاتها تبين أن مشاركة بعض العرب السنة في العملية السياسية ليست أكثر من «ديكور».رابعاً: ذكر التقرير أن العراق عضو في العديد من المعاهدات المعنية بحقوق الإنسان وأنه ملزم بحسب القانون الدولي بضمان القانون والنظام داخل أراضيه.خامساً: من التوصيات التي ذكرها التقرير توصيات تخص الحكومة العراقية، فقد أوصى بضرورة فتح تحقيق وفق معايير حقوق الإنسان الدولية للتحقيق بكافة الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، وضرورة أن ينضم العراق لميثاق روما الذي أسس لمحكمة الجرائم الدولية، (هذا لن يحصل ولن تتورط الحكومة العراقية فيه).سادساً: أما التوصيات التي تخص المجتمع الدولي فقد حث التقرير مجلس الأمن على أخذ المعلومات المتعلقة بوقوع جرائم حرب في العراق وجرائم ضد الإنسانية على محمل الجد وأن يحيل قضية حقوق الإنسان في العراق إلى محكمة الجرائم الدولية، وهذا الأمر ربما لن يحصل أيضاً لأن هكذا قضايا لا تحظى باهتمام مجلس الأمن المختص بحلها من خلال قرارات ملزمة والتي تصل حد استخدام القوة العسكرية للتدخل لمنع مثل هذه الانتهاكات وحماية المدنيين وذلك لأسباب تتعلق بخلافات سياسية في الغالب بين الدول الأعضاء في المجلس وخاصة الدائمين منهم، وخير شاهد التقارير الخاصة بسوريا.مع كل ما ذكر يبقى التقرير مهماً للغاية لأنه يعد دليلاً ومفتاحاً يمكن للضحايا استخدامه لحشد الرأي العالمي ورفع الدعاوى إن لم يكن من خلال مجلس الأمن فبشكل شخصي من خلال مكاتب متخصصة.