مستوى التمثيل العربي في القمة العربية بشرم الشيخ بحد ذاته يقول الكثير. وتزامن القمة مع بدء «عاصفة الحزم» التي أكدت قوة الكلمة العربية حينما تتوحد، أيضاً قال الكثير، وبين الكثير، ووضع كثيراً ممن توهموا بأن العرب لقمة سائغة في موضعهم الحقيقي.كلمة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين حفظه الله وأيده بنصره وسدد خطاه على درب الخير والحق لخصت المشهد كاملاً، وأرسلت رسائل واضحة وصريحة نجدها في مضامين البيان الختامي «القوي» لهذه القمة العربية التي تميزت عن كثير من سابقاتها.مثلما قال ملكنا، فإن إنشاء القوة العربية العسكرية المشتركة أهم القرارات المتخذة بالنظر للتحديات الراهنة، ورد أي اعتداء يهدد أمن واستقرار أي من دولنا العربية هو الأولوية القصوى اليوم.وهنا نسجل التحية الكبيرة لملكنا حينما أكد وشدد على الموقف العربي من القضايا والتحديات، ببيانه أن «المواقف ثابتة» وأن «الثوابت لازمة»، ولن يتخلى العرب يوماً عن قضاياهم العادلة، وهنا يجزيك ربنا كل الخير يا بوسلمان بالتذكير بقضيتنا العربية الأم الممثلة بفلسطين المحتلة، وثوابت الأمة العربية تجاهها بأن ينعم الفلسطينيون بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، ووقف الاستيطان الإسرائيلي ورفع الحصار عن غزة.حتى لو انشغل العرب بقضايا وأمور طارئة على عدة جبهات، كما يحصل في اليمن اليوم، وما يفعله «الجزار» بشار الأسد المدعوم إيرانياً بالأبرياء في سوريا، فإن البوصلة العربية لن تحيد بإذن الله عن القضية الفلسطينية، وإن كان العرب تباينوا في خطاباتهم مواقفهم سابقاً، فإن الأحداث اليوم كلها تفرز مؤشرات صريحة وواضحة بأن زمن «الدبلوماسية» انتهى، وأن الحق اليوم يدافع عنه بالحزم والقوة.ولأجل ترسيخ مبادئ الحزم والقوة لابد من تجميع القوى كلها، لابد من رص الصفوف وتوحيد كلمة العرب وتحديد الثوابت والمبادئ التي لا يجب أن تحيد عنها الأنظار. كل هذا قاله القادة العرب في قمتهم الفارقة، والتي استقطبت أنظار واهتمام العالم، بل شاركت الشرعية الدولية فيها مؤيدة مناصرة عبر الأمم المتحدة والكلمة المؤيدة للقمة التي ألقاها الأمين العام الأممي السيد بان كي مون، دون إغفال التعاطي الأمريكي الإيجابي السريع والفوري وتأكيد الرئيس باراك أوباما في اتصاله بالرجل الكبير الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين بأن واشنطن داعمة بقوة لخطوات التحالف العربي وحريصة على تعزيز وتقوية علاقاتها بالسعودية والعرب.حينما يجتمع الحزم مع القوة في قضية عادلة وتتوحد الصفوف مدافعة عن الحق رافضة للباطل، هنا تتكسر سيوف الطامعين، وتفشل مساعي أذرعهم العميلة وطوابيرهم الخامسة، ويحسب لك الجميع ألف حساب.لذا، بعد القمة العربية ومع وقع عملية «عاصفة الحسم»، لابد للعرب الموالين للعروبة المخلصين لقضايا أمتهم أن يوحدوا الصف ويشبكوا الأيادي، فقوتهم معاً، ونجاحهم معاً، ومثلما قال جلالة الملك في كلمته «إن التحدي الذي تواجهه أمتنا، بالغ الصعوبة والخطورة، وعلينا أن نكون عند مستوى هذا التحدي، كقوة واحدة متماسكة كالبنيان المرصوص يسند بعضه بعضاً».