السؤال الذي على مجلسي النواب والشورى أن يتوقفا عنده ويصران على الحصول على إجابة شافية له هو: لماذا تضخم الدّين العام إلى هذا الحجم وبهذه السرعة خلال السنوات القليلة الماضية، وأين ذهبت الأموال التي تم اقتراضها والتي تزيد على الخمسة مليارات دينار..؟ديوان الرقابة المالية قال في تقرير 2012 «إن ارتفاع سقف الدين العام للسنوات الأربع الماضية بوتيرة متصاعدة يبعث على القلق، حيث إن سقف الاقتراض ارتفع إلى 5 مليارات دينار في عام 2012 مقارنة بمبلغ 1.9 مليار دينار في العام 2009 وأقل من 750 مليون دينار في عام 2008، كما ارتفع رصيد الدَّين العام في 2012 إلى 3.9 مليار دينار أي بزيادة 2.9 مليار دينار وبنسبة 189%» وفي تقريره عن عام 2013 قال ديوان الرقابة المالية: «إن الدين العام بلغ بنهاية 2013 نحو 5 مليارات و 376 مليون دينار وذلك بزيادة مقدارها مليار و190 مليون دينار عن العام الذي سبقه إذ لم يتجاوز الدَّين العام فيه 4 مليارات و186 مليون دينار».وانتقد التقرير عدم وجود قانون خاص وشامل ينظم الدين العام وعملياته ويحدد القواعد والضوابط والسياسات والإجراءات المتبعة لعمليات الاقتراض، كما لم توفر القوانين الجاري العمل بها حالياً تحديداً شاملاً لأوجه استخدام القروض وأدواتها مما يؤدي إلى عدم إحكام الرقابة على استخدامات الأموال المقترضة.بالإضافة إلى تضخم الدين العام بصورة متسارعة، فالمطلوب معرفته أيضاً كما يقول تقرير الرقابة هو أوجه استخدام القروض وأين تذهب الأموال المقترضة، وفي محاولة للحصول على جواب للسؤال الهام هذا نشير إلى أن هناك مادة في قانون كل ميزانية تذيل بالعبارة التالية: «على أن يغطى العجز بالاقتراض من المؤسسات المالية والصناديق العربية والإسلامية» أي أن الاقتراض بمليار دينار أو أكثر كل مرة يحدث لأجل أو بحجة تغطية العجز في الميزانية التي لا تزال بعد في وضعها «التقديري» ولتوضيح الصورة نذكر بعض الأمثلة المقارنة بين العجز التقديري والعجز الفعلي في الميزانية، فقد بلغ العجز المقدر في ميزانية 2009 نحو مليار و 84 مليون و861 ألف دينار في حين بلغ العجز الفعلي 374 مليون دينار فقط، وبلغ العجز المقدر في 2010 نحو مليار و 610 مليون دينار والفعلي 459 مليون دينار فقط وفي 2013 بلغ العجز المقدر مليار و109 ملايين دينار والفعلي 410 ملايين و87 ألف دينار.من هذه الأمثلة نستنتج أن الحكومة وفور إقرار الميزانية بالعجز المقدر والكبير تسارع إلى الاستفادة من المادة التي تخولها بالاقتراض لتغطية العجز وتقترض بما يوازي العجز التقديري أو أكثر وهو ما يؤدي إلى زيادات مضخمة للدَّين العام، لكن هذه الأموال المقترضة يبقى مصيرها مجهولاً بعد أن يصدر الحساب الختامي ويتضح العجز الفعلي في الميزانية، أكثر من 5 مليارات من الدنانير تم اقتراضها لهدف وهمي ثم ذهبت مع الريح؟!