في رد صريح وفوري وحاسم على تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين الداعية إلى وقف العمليات العسكرية في اليمن وإعطاء الفرصة للحوار، قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في تغريدة على حسابه على التويتر «كلمة حوار سياسي أضحت أداة للمراوغة ولإضاعة الوقت وغطاء للعمل السري والإرهاب.. والحزم هو الطريق الاستراتيجي الصحيح»، وهو ما يعني أن قرار عاصفة الحزم اتخذ وبدأ تنفيذه وليس من مجال للتراجع عنه، خصوصاً وأن التجربة تؤكد أن إيران تسعى بمثل هذه التصريحات والطلبات إلى الاستفادة من أي هدنة ووقف العمليات بغية إعادة تنظيم الصفوف وتوفير الدعم اللازم للحوثيين الذين ظلوا طويلاً يتحاورون مع كل الأطراف، ولكن من دون التوقف عن عملياتهم وسعيهم للسيطرة على المناطق وفرض الأمر الواقع. «الآن.. وقد رفضت من قبل» موضوع الحوار؟ هذا ما قاله الوزير بين سطور تغريدته، ألم يتم دعوة الحوثيين طويلاً إلى التوقف عن هذا العبث الذي يقومون به؟ ألم تتم دعوتهم إلى تغليب العقل والتوقف عن أعمال العنف والإرهاب التي اعتمدوها سبيلاً للسيطرة على صنعاء ومدن أخرى حتى وصلوا إلى عدن؟ هل نسيت إيران التي تقف بكل صلافة وراء الحوثيين وتدير شؤونهم وتدعمهم وتمولهم وتسلحهم أنها هي التي ساعدتهم على احتجاز الرئيس الشرعي للبلاد وإحداث الفوضى بغية السيطرة على اليمن بأكمله؟ فهل يقبل منها بعد كل هذا الذي قامت به وقام به الحوثيون الذين لاتزال تدعمهم إعلامياً وتروج لهم أن تدعو إلى توفير مساحة للحوار؟ لا تفسير لهذا الطلب سوى أن إيران تريد الحصول على فرصة لتتمكن من توصيل ما يصعب توصيله طالما أن العمليات العسكرية مستمرة، وإلا لماذا لم تسع من قبل إلى طلب الحوار واعتماده منهجاً؟ ما لا تعرفه إيران وربما آخرون غيرها هو أن دول الخليج العربي قد اتخذت قراراً بوضع نقطة في نهاية سطر ظل طويلاً يهدد مصالحها ويعتبرها سالبة، وهو ما يمكن التعبير عنه بالمثل العربي الشهير «اتق الحليم إذا غضب»، فدول التعاون ظلت حليمة طوال السنين الماضيات ولكن عندما تبين لها أن الآخر يفهم حلمها على أنه سلبية وخوف وربما حتى غباء لذلك لم يعد أمامها سوى أن تغضب، فالسكوت والخنوع حتى يتم ابتلاعها ظلم لها ولشعوبها. قرار عاصفة الحزم جاء بعد أن نفدت كل الدعوات للحوار ولإعطاء العقل مساحة للتحرك وبعد أن نفدت كل الحيل المتوقع أن تعين على تحقيق هذا الأمر، لذلك لا مجال أبداً للوم أو العتاب، فقد أعذر من أنذر، ودول التعاون سبق أن أنذرت كثيراً ولم يستجب لها، بل إن إيران كانت أول الرافضين وأول المحرضين بدعمها للحوثيين الذين تعتبرهم مجرد بيادق تحركهم كيف تشاء ووقت ما تشاء لتحقيق أهدافها التي لم تعد تستطيع أن تخفيها وإن استمرت في نفيها. اليوم اتخذت دول التعاون خيارها الذي وإن بدا صعباً إلا أنه هو الطريق الاستراتيجي الصحيح الذي به يمكنها أن تحمي نفسها وشعوبها وتحمي شعب اليمن الذي هو في كل الأحوال جزء منها، من هذا الذي يحاك ضد المنطقة وصارت علومه معلومة. اليوم لا مجال للتراجع أو التوقف لاسترداد الأنفاس، فمثل هذه الخطوة إن توقفت انتهت، وإن انتهت انتهى معها كل أمل في استقرار المنطقة، فالتوقف ليس من صالح اليمن ودول التعاون وليس من صالح المنطقة برمتها، وهو لا يفيد إلا إيران والحوثيين الذين من الواضح أن الحبل بدأ يضيق حول رقبتهم، ولن يحتاج الأمر إلا إلى بعض الوقت كي ينتهي كل شيء، ويبدأ بعدها كل ما يصب في صالح المنطقة.