يشكل فوز محمد بخاري برئاسة نيجيريا حدثاً تاريخياً مهماً، في هذا البلد الغني بثرواته النفطية رغم الفقر المستشري في المجتمع، إذ انتقل الحكم، عبر انتخابات حرة ونزيهة، من رئيس مسيحي هو غودلاك جوناثان، إلى رئيس مسلم، في وقت تراصت فيه صفوف عسكرية خليجية وعربية ومسلمة في مواجهة الإرهاب في اليمن «السعيد»، وما بين هذا وذاك تقف مواجهة إرهاب جماعة «بوكو حرام» أولى التحديات أمام الرئيس محمد بخاري، الذي تعهد فور فوزه أن يخلص الأمة من إرهاب «بوكو حرام».ويرى خصوم الرئيس بخاري أن أيديولوجيته تنتمي لـ»الإسلام المتشدد»، آخذين في اعتبارهم دفاعه المستميت خلال حملته الانتخابية للرئاسيات في 2011 على فكرة فرض الشريعة الإسلامية في نيجيريا، مع أنه غير رأيه في 2015 ودافع عن فكرة حرية الاعتقاد الديني، وقال بعد انتخابه «سيتم تطبيق الديمقراطية ودولة القانون على أراضينا».ويبدو أن جماعة «بوكو حرام» كان لها رأي إيجابي لصالح بخاري، أو هي ربما كانت تعتقد ما يرى خصومه حول «إسلاميته المتشددة»، إذ اختارته الجماعة عام 2013 باعتباره مفاوضها المفضل، إلا أنه رفض، وجر عليه هذا الرفض والانتقادات اللاذعة التي كان يوجهها للجماعة، استهداف «بوكو حرام» له.ما يحزن هو الصمت الغريب الذي توشحته الدول الإسلامية والعربية عقب فوز بخاري برئاسة نيجيريا، وكان الأجدى لها أن تحتويه فهو خط الدفاع الأول في مواجهة إرهاب «بوكو حرام»، التي أعلنت مبايعتها لـ»داعش» من قبل، الأمر الذي يفاقم الوجود الإرهابي بين طرفي العالم الإسلامي والعربي، مع أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بارك ذلك، بتبنيه قرار بالإجماع، يدعو فيه الأسرة الدولية إلى دعم نيجيريا بشكل أكبر لمواجهة «بوكو حرام».صحيح أن بخاري كان من جنرالات الانقلابات العسكرية في نيجيريا، وحكم ما يقارب 20 شهراً بعد عام 1984، لكنه فيما بعد أصر على دخول السياسة عبر صناديق الاقتراع في ثلاثة استحقاقات انتخابية للرئاسة، وهو من أنزه وأنظف السياسيين في بلد تنتشر فيه الرشوة والفساد.وصدق الرئيس بخاري حينما قال إن بلاده «انضمت إلى مجموعة الأمم التي تبدل رئيسها عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة»، في ظل ما تشهده دول القارة الأفريقية من فساد وفقر وانتهاكات لحقوق الإنسان.المطلوب من الدول الإسلامية وقبل فوات الأوان الوقوف بجانب بخاري ودعمه في سبيل القضاء على إرهاب «بوكو حرام» الذي يشكل تهديداً رئيساً للدول الإسلامية والعربية.