«إننا متى أيقنا أن كرامة الحق ستهدر فلن نتردد في صيانتها بالوسيلة التي لا نؤثر غيرها عليها، ولا سيما إذا قررت ذلك جامعة الدول العربية التي نتقيد بقراراتها في كل ما يحفظ كيان العرب ويصون حقوقهم ويسرني أن أطمئنكم بأن الضيوف الأمريكيين النازلين في بلادنا لن يمسهم أي سوء ما داموا في أرضنا، وقصارى ما يصيبهم إذا جدَّ الجد أن نقصر أمد غربتهم عن بلادهم فنرحلهم إليها سالمين موفوري الكرامة مصوني الحقوق.وفي الختام نذكّركم يا صاحب الفخامة بأن البضاعة التي قامت عليها صلاتنا الاقتصادية هي من البضائع التي يكثر طلابها ويقل عارضوها في أسواق العالم.وتفضلوا فخامتكم بقبول تحياتي وتمنياتي الطيبة».عبد العزيز آل سعودملك المملكة العربية السعودية1948حري بنا خاصة بعد عاصفة الحزم أن نستلهم روح هذه الرسالة التي أرسلها الملك عبدالعزيز آل سعود إلى ترومان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لنرد بها على دعوة أوباما لزعماء دول مجلس التعاون لزيارته في كامب ديفيد.فبعد تخرصاته مع توماس فريدمان أتمنى أن يرفض زعماء دول مجلس التعاون الدعوة التي وجهها أوباما للاجتماع بهم في كامب ديفيد ويركزوا على إتمام ما بدؤوه في عاصفة الحزم فمخرجاتها ستغني عن ألف اجتماع، ومن بديهيات فن المفاوضات ألا تجلس تتفاوض إلا وأنت تملك أوراقك للتفاوض، ونحن للتو بدأنا نلوح بجزء صغير من أوراقنا التي نملك، لهذا فإن توقيت هذه الدعوة في غير صالحنا تماماً. الصراحة لا نريد تطمينات من هذا الرئيس الذي يرى إيران جنة لمواطنيها ويرى دول مجلس التعاون بلد الساخطين، لا نريد منه دروساً تضفي «شرعية» على حقنا في الحفاظ على أمننا فليحتفظ بدروسه لنفسه أو يمنحها لأصدقائه في إيران لنرى كيف سيضفي الشرعية على «تكتيكات» الدولة الأعلى رقماً في أحكام الإعدامات في العالم وكثير منها يتم على الرافعات حيث يعلق الإنسان كالذبيحة.. ألا ساء ما يحكمون.إن تلك الدعوة هي محاولة لفرملة هذه العاصفة وتعطيلها وتحييدها بغض النظر عن تصريحاته المؤيدة لها وما يعرضه من خدمات لوجستية، فإنها دعوة للتخدير والتطمين والتنويم من ناحية رأس الأفعى إيران، ناهيك عن أن هذا الرئيس لا يثمن كلامه، فماذا لو صدر منه ما يسيء إلى دول مجلس التعاون؟ الانسحاب أو الاعتراض لن يفلح في معالجة الضرر الذي سيلحق بنا.نحن في أماكننا ومن أراد الحديث معنا حياه الله في دارنا، إن أعجبنا كلامه فمرحباً الساع، وإن لم يعجبنا فعندنا باب شرقي يعرفه أهل البحرين يمكنه الخروج منه، أما أن نحج لمخيمه نجلس كالتلاميذ نستمع لتخرصاته فذلك خطأ أتمنى ألا نقع فيه، ونحن لا نزايد على حكمة القادة لكن النصيحة واجبة.لقد بدأنا للتو نعرف قيمة الأوراق التي نملكها والتي جمدناها لمدة 30 عاماً في الوقت الذي كانت فيه إيران تستخدمها وتلعب بها ونحن نتفرج حتى وصلت إيران لعقر دارنا عبر عملائها ونجحت في استثمار أوراقها التي لعبت بها.للتو بدأنا نلوح بورقة الأحواز وهي جزء صغير جداً من ملف الداخل الإيراني الكبير الحافل بالقطع الفسيفسائية العرقية الإثنية والطائفية والفقر وأطرافه المهمشة، كل واحدة من قطعه الفسيفسائية بإمكانها أن تجعل الملالي يلفون حول أنفسهم لو استخدمناها صح. عاصفة الحزم مثلما أزالت الغبار عن أسلحتنا وقواتنا المسلحة امتد إعصارها فأزال الغبار عن ورقة الأحواز وبإمكانها أن تزيل الغبار عن بقية الأوراق.هناك ورقة دول الطوق الإيراني، الدول التي تحيط بإيران، وهو ملف حافل بالفرص لم تمسه دول الخليج من قبل وفيه يقال الكثير وبإمكانه أن يؤرق إيران ويشغلها، هناك باكستان وأذربيجان وأفغانستان وبلوشستان كلها لديها مشاكل مع إيران (انظر كيف طار ظريف لباكستان بعد أن تحركت بتصريحاتها المساندة لعاصفة الحزم وحدثت مناوشات على الحدود بينها وبين إيران) ولدى دول مجلس التعاون الكثير من المصالح المشتركة مع تلك الدول وأكثرها تنتظر «الشريك» المناسب. وهناك ملف ربط المصالح الاقتصادية التي تربطنا مع العالم (اتحاد أوروبي وأمريكا وشرق آسيا) بالمواقف السياسية التي تخدمنا، هذا ملف لم نستخدمه كذلك.كنا دوماً نتعامل مع العالم مثلما نود أن يعاملونا به وهذه معادلة لم تعد صالحة للعلاقات الدولية. كنا دولاً مسالمة لا ننشد العداء ولا الحرب، لا نتدخل في شؤون غيرنا، نحافظ على كلمتنا ونحفظ للعلاقات التاريخية مكاناً في قراراتنا، نحترم خصوصية الآخرين، وهذه أوراق انتهت صلاحياتها بوجود من لا يحفظ للعهد مكاناً وبوجود من يجهل قيمة المصالح المشتركة التي بيننا وبينه كهذا الرئيس. آن الأوان كي ندخل السوق بأوراقهم التي بحوزتنا.
Opinion
رداً على دعوة أوباما لكامب ديفيد
09 أبريل 2015