قبل أن أذهب إلى ما أنا بصدده اليوم؛ أتوقف عند صورة جميلة ومعبرة ورائعة، تلك الصورة التي احتضن فيها جلالة الملك أطفالاً أيتاماً يتبعون المؤسسة الخيرية الملكية.كانت صورة جميلة جداً، أسعدت الجميع، وظهرت فيها إنسانية وتواضع وحب الرجل الأول بالبحرين حمد بن عيسى -حفظه الله ورعاه- لأبنائه من الأيتام الذي فقدوا حنان الأب والأم.هذه الصور العفوية من جانب الأيتام ومن جانب جلالة الملك تظهر أن الأيتام يعتبرون جلالته هو الأب بالنسبة إليهم، وهو الحضن الذي يحتويهم، فالشكر لجلالة الملك على هذا الحب، وهذه الرعاية والاهتمام بأحباب الله من الأطفال الأيتام.كما أن تخصيص جلالة الملك جزء من زكاته السنوية للأيتام يضاف إلى ما يخصصه جلالته من أموال واهتمام بمن فقدوا أغلى ما يملكون، جعل الله ذلك في ميزان حسنات جلالته، وحفظ الله بهذه الأعمال البحرين وأهلها من كل مكروه سوء.لم يكن لي أن أتجاوز تلك الصورة الجميلة لجلالة الملك مع الأطفال، كانت أكثر من رائعة، ومعبرة جداً، وعفوية من الأيتام ومن جلالته، أعان الله ملكنا المفدى على فعل الخير دائماً وأبداً، وأمده بالصحة والعافية وطول العمر.توقفت عن صورة جميلة أحبها أهل البحرين، وأذهب اليوم إلى ما أنا بصدده؛ فقد نشر تقرير لشركة أبحاث امريكية (إف إم جلوبال) حول الدول الأكثر مرونة لممارسة الأنشطة التجارية على مستوى العالم.وجاءت البحرين في المرتبة الـ 36 على مستوى العالم، والمرتبة الرابعة عربياً.توقفت عند هذا التقرير، لما له من أهمية قصوى على حرية ممارسة الأعمال وسرعة الإنجاز فيها، وتقديم خدمات متطورة للمستثمر المحلي والأجنبي، وقد اطلعت على استطلاع صحافي نشر يوم الجمعة الماضية بالصفحة الاقتصادية بصحيفة الأيام، وكان استطلاع جيد وحمل وجهات نظر من يتعاملون مع مركز المستثمرين وبقية الجهات المعنية.عنوان الاستطلاع كان «فعاليات اقتصادية تطالب بالحد من بيروقراطية الجهات المرتبطة بمركز المستثمرين».وقد ذكر فيه رجال أعمال ومحامون أن إجراءات مركز المستثمرين جيدة، لكن هناك عوائق أخرى في جهات مرتبطة بإصدار السجل التجاري لممارسة الأعمال.فقد قال المحامي رضا بوحسين: «إن الصعوبة تأتي في التسجيل الإلكتروني، ومتابعة هذا التسجيل مع الجهات الأخرى المعنية بإصدار التراخيص».وهذا عائق كبير ينبغي على الجهات المعنية وأجهزة الدولة واللجان المنبثقة عن مجلس الوزراء متابعة هذه الأمور، من أجل تذليلها وجعل البحرين أكثر سهولة في إصدار تراخيص ممارسة الأعمال التجارية.في حين قال المحامي راشد الجار، وهو يعمل مع عدة شركات تجارية: «ما يقال في الصحف عن حرية ممارسة الأعمال والمستثمرين يخالف ما هو موجود على أرض الواقع»..!وأعتقد أن كلام المحامي الجار في مكانه.هذه بعض آراء من شملهم الاستطلاع، غير أن من المهم جداً أن يسمع إلى كل من له علاقة بمزاولة الأعمال التجارية.هناك سهولة في إجراءات مركز المستثمربن، غير أن هذه السهولة لا تعني إصدار الرخصة التجارية، بمعنى أن إصدار هذه الرخصة بشكل كامل مرتبط بجهات مثل «البلديات، والصحة، والأشغال، والكهرباء والماء، وهيئة تنظيم سوق العمل، ووزارة العمل»، فإذا ما حققت سرعة إنجاز في مركز المستثمرين فهذا لا يعني أن الرخصة قد صدرت، وإنما أمامك مشوار طويل من البيروقراطية مع تلك الجهات.في اعتقادي أن هناك تحدياً أمام الجهات المعنية جميعاً، وأمام اللجان الحكومية المنبثقة من مجلس الوزراء من أجل بحث مستفيض لهذه القضايا لتذليل كافة العقبات وجعل إصدار الرخصة تحت سقف واحد فعلا وليس شعاراً.المشكلة في وزارات خدمية مرتبطة بمركز المشتثمرين، وأكبر وزارة تقف عائق أمام المستثمرين هي وزارة البلديات، فهي تحتاج إلى إعادة بناء، وثورة على الإجراءات التي تتعطل في أروقتها بذرائع كثيرة.نقترح على الحكومة الموقرة أن تجلس مع كافة الأطراف التي تتعامل مع مركز المستثمرين، وهم غرفة التجارة، ورجال أعمال بحرينيون وخليجيون، أجانب، ومحامون، لمعرفة وجهات نظرهم حول تأخر الإجراءات وما هي أسبابها، وكيف يمكن تقليص الإجراءات، وكيف نجعل الرخصة تصدر في وقت زمني سريع دون إخلال بالأنظمة والقوانين والاشتراطات.السؤال هنا، أين تتأخر إجراءات المستثمرين؟في أي جهة؟هل هناك إحصائية؟ هل هناك استقصاء للمستثمرين يشيرون فيه إلى أماكن تأخر إصدار الرخص التجارية؟من الذي يبحث ذلك؟ ومن الذي يقف في وجه البيروقراطية الطاردة للاستثمارات، أشرنا ذات مرة إلى هذا الموضوع، وحين تحسن مركز المستثمرين، ظهرت العوائق في جهات أخرى، وفي المحصلة هناك بيروقراطية وتأخر في إصدار رخص الأعمال، وقد يهرب المستثمر الخليجي أو حتى البحريني إلى دبي أو قطر، أو أي جهة أخرى.فعامل الوقت بالنسبة إلى التاجر يعني كلفة مالية، فلا أحد يقبل أن يخسر رأس ماله انتظاراً لرخصة تتعطل في جهات مرتبطة بمركز المستثمرين، أو بأناس لا يحبون الخير للبحرين، ويساهمون في طرد الاستثمارات لنوازع مريضه في داخل أنفسهم.إذا أردنا أن نصحح الوضع علينا أن نأتي بكل أصحاب الشأن ونسمع منهم، بل ونصغي إليهم، ونعقد ورشة عمل معهم، بحضور كبار المسؤولين في الوزارات والهيئات حتى نخرج بخارطة طريق تنهي كل أوجه البيروقراطية المؤسفة في البحرين، والتي تعطل الأعمال وتعيق الاستثمار، وتساهم في هروب رؤوس الأموال.