منذ أن طرح هذا العنوان أو الشعار قبل حوالي عشر سنوات والسؤال الذي يتداول بين أصحاب الشأن والعلاقة بهذا النوع من الاستثمار هو: هل المقصود بالاستثمار في الثقافة هو الاستثمار في البشر أم في الحجر، وأيهما أكثر أهمية وأكثر ما تحتاج إليه البلاد والعباد، وهل الصرف على ترميم القلاع والبيوت القديمة وبناء متحف هنا وترميم متحف آخر ثم انتظار الزوار من أقلية السائحين، هل هذا الصرف هو أهم وأجدى من الصرف على رعاية ودعم المبدعين من الفنانين والكتاب؟ثقافة الحجر والتراث القديم مهمة لكنها تعبر عن حضارة وثقافة الأمس، وبالتالي فإنه لا قيمة لها إذا كانت البلاد خالية من ثقافة اليوم التي يمثلها البشر ويعبر عنها البشر ويقدمها للعالم في الداخل والخارج البشر بإبداعاتهم وأعمالهم وإنجازاتهم، أما ما يتم التبشير به عن ثقافة الأمس فهو بكاء على الأطلال وهروب من الواقع المرير للحال الذي وصل إليه الفنانون والمثقفون في بلد كانت الأشهر والأفضل خليجياً وأحياناً عربياً في التفوق ونيل الجوائز وتكريم المبدعين في شتى المجالات الثقافية.بالأمس احتفل الفنانون البحرينيون بالفنان البحريني الكبير والمتميز محمد عواد الذي انتظر الكتاب المؤلف عنه 8 سنوات لنيل دعم وموافقة الجهة المسؤولة عن الثقافة لإصداره دون جدوى لأنه فنان بحريني وليس فرنسياً أو لبنانياً أو مغربياً، وبالأمس كذلك عاد المسرحيون البحرينيون من مهرجان الشارقة المسرحي بعد أن حصدوا الجوائز، ولكنهم مثل الأيتام لأنهم الوحيدون الذين حضروا المهرجان كأفراد لا يجمعهم كيان مسرحي وطني وليس لديهم مهرجان مسرحي واحد وجامع يمثلون به لدى الغير لأن الجهة المسؤولة عن الثقافة ترفض ذلك وهي بنت المسرح الوطني لتستقبل عليه الفرق الفنية الأجنبية فقط.فأي استثمار في الثقافة، وأي أموال تجمع وتضخ من مجالس وبنوك وشركات ومن ميزانية الدولة كذلك لا توجه ولا تستخدم من أجل استعادة الروح والحياة والعمل والإبداع والإنتاج للفنانين البحرينيين من ممثلين هجروا البحرين وتفرقوا في دول الخليج ومسرحيين لديهم الكثير الذي يقدمونه لكنهم يريدون الاحتضان والدعم، بالإضافة إلى المطربين الذين بحت أصواتهم من كثرة ما أصابها من إهمال الثقافة، والموسيقيين الذين أحيلوا للتقاعد غصباً عنهم، في الوقت الذي باتت فيه الفرقة الموسيقية العمانية مشهورة على مستوى العالم، فهؤلاء وأولئك هم الذين يحتاجون الاستثمار في ثقافتهم لا الحجر.
Opinion
الاستثمار في الثقافة
13 أبريل 2015