كبحرينيين نعرف تماماً طبيعة أجواء بلادنا، نعرف تماماً بأنه قد تصادفنا الفصول الأربعة في يوم واحد. قد تمر بنا سنة بدون قطرة مطر واحدة، وقد تمر بنا سنة تغرقنا الأمطار كما حصل قبل عامين. وقد يمر علينا عام يطغي فيه الحر وتعم فيه الرطوبة حتى في فصل الشتاء، وقد يكون العكس؛ فننعم بأجواء باردة تحول البحرين إلى شبيهة بلندن من ناحية الجو كما حصل هذا العام.طبعاً شهدنا اليومين الماضيين موجة غبار عارمة «عفستنا» كما نقول بالبحريني، وسبقتها مثيلة لها قبل أسبوع من الآن.باختصار جونا «متقلب المزاج» ومعه يصعب التوقع، وبات وصول رسالة نصية عبر «الواتس آب» لهاتفك تخبرك بالنشرة الجوية المتوقعة مسألة عادية وروتيناً شبه يومي، طبعاً مع «تحذير» في نهايتها من عدم تغيير مضامين النشرة إن أردت إعادة إرسالها، «مو سهلين طلعوا الأرصاد»!عموماً، بت أقول مؤخراً بأن أفضل شخص تصادقه في البحرين هو مدير الأرصاد الجوية، وشاءت الصدف أن أتعرف إلى الأخ عادل طرار مدير الأرصاد، والذي أعتبره اليوم من أكثر الأصدقاء الذين أعتمد على كلامهم ونصحهم في برمجة فعاليات يومي، طبعاً من ناحية الجو.وهنا ندخل في معرفة فوائد النشرة الجوية، وهي النشرات التي لا تستغني عن نسختها المتلفزة أغلب القنوات التلفزيونية في العالم، سواء في المنطقة أو العالم، ولعلكم تذكرون صورة مذيع النشرة وهو يقف خلف شاشة كبيرة تستعرض خارطة بلده ومن ثم الإقليم وبعدها العالم ليخبر الناس بتوقعات الجو للساعات المقبلة أو الأيام المقبلة، وبعض القنوات تقرن النشرة بتحذيرات يتلوها المذيعون يوجهون فيها الناس بشأن تحركاتهم سواء على الأرض أو في البحر.قد نستهين بالنشرات الجوية ونعتبرها شيئاً عابراً، لكن للمعلومية فإن هناك منظمة دولية «ثقيلة الوزن» يطلق عليها اسم المنظمة العالمية للأرصــاد الجويــة (WMO) تستخدم أكثر المعدات الإلكترونية والرقمية تطوراً، تقوم برصد المتغيرات الجوية، وتضع التنبؤات بناء على عمليات تحليل واستقراءات دقيقة، ولها أقمار صناعية وتعمل على مدار الساعة، ويكفي أن نعرف بأنه لجمع البيانات تستخدم المنظمة بمراكزها المتناثرة حول العالم أكثر من 15 قمراً صناعياً، و100 محطة عامة رأسية و600 محطة عائمة منساقة، و3000 طائرة و7300 سفينة ونحو عشرة آلاف محطة أرضية.وإضافة لأهمية عمل المنظمة ونشراتها الجوية بالنسبة لمتابعة العمليات الحيوية على الأرض والتأثيرات على الغلاف الجوي وطبقة الأوزون، فإن الفائدة البشرية واضحة تماماً لو فكرنا فيها، فالنشرات يمكنها مساعدة الناس في برمجة أنشطتهم اليومية، بل وتساعدهم في التأهب لأية حالة من التقلبات الجوية أو مواجهة الكوارث الطبيعية، ولها تأثيرها على صناعة الزراعة، وعلى صناعة السياحة، وعليه في الغرب من الاستحالة أن يتم الاستغناء عن الاستماع للنشرات الجوية أو الاطلاع عليها.وعلى صعيدنا الداخلي من الملاحظ أن الاهتمام بدأ يتزايد بإحاطة الناس بأحوال الطقس، فنرى تصريحات مسؤولي الأرصاد متواجدة في وسائل الإعلام المختلفة، ونرى تحذيرات الأجهزة الأمنية المبنية عليها خاصة فيما يتعلق بالإبحار والصيد.لكن رغم ذلك يبقى الناس يمارسون حالة التندر، وهي سمة جميلة في المواطن البحريني، فبعضهم يقول بأننا نقرأ في النشرة شيئاً ويفاجئنا الجو بشيء آخر، وهذا أمر طبيعي لو أرجعناه لنسبة الصواب والخطأ في عملية الاستقراءات والتنبؤ، لكن تظل الجهود المبذولة مشكورة ومقدرة مع التمنيات بأن يكون للنشرة حضور أقوى وأكبر بشكل متلفز على تلفزيوننا الرسمي، وهي ملاحظة نوجهها للمسؤولين هناك.عموماً، أعود إلى الأخ عادل، وأقول بأن أفضل صديق تصاحبه هو مدير الأرصاد الجوية، فمن خلال التواصل معه يمكنك أن تسبق الكثيرين في معرفة حالة الطقس المتوقعة، لكن رغم ذلك، حاسبوا من تقلبات جو البحرين «غير المتوقع»، إذ ذاك اليوم سألت عادل عما إذا كانت الأجواء مناسبة للإبحار والخروج «للحداق»، فهز رأسه بكل ثقة بأن «أكيد»، وطبعاً في الليل كدنا نضيع وكاد «الطراد» يجعلنا نتحول لأبطال فيلم «التايتنك» أو «حياة باي»!!طبعاً الجزء الأخير «فنتازيا» للتندر بناء على طبيعتنا كبحرينيين، مع دعواتنا للأجواء بأن تستقر وتكون لطيفة علينا خاصة حينما يهل علينا «حر البحرين الساخن»!