شهدت الأيام الأخيرة أخباراً متناقضة عن زعيم «أنصار الله» عبدالملك الحوثي، بعضها يؤكد أنه قتل قبل أيام في غارة لتحالف عاصفة الحزم على اليمن، وبعضها الآخر ينفي هذا القول ويراه مجرد أمنية يأمل البعض أن تتحقق، اعتقاداً منه أن هذا كفيل بكسر شوكة الحوثيين وإضعافهم ومن ثم استسلامهم ويعتبره مؤثراً نفسياً ليس إلا. بعضهم قال إن الموقع الإلكتروني لفضائية العالم الإيرانية نشر خبر وفاة الحوثي ثم سحب الخبر ونفاه، وبعضها الآخر قال إن الخبر مدسوس وأن هذا الموقع لم ينشره من الأساس وإنما نسب إليه بغية التشويش وبعد أن تم اختراقه. لكن حتى ساعة كتابة هذا المقال لم يتبين ما إذا كان الحوثي لايزال على قيد الحياة أم لا، وهذا يعني أنه صار لزاماً على الحوثيين والإيرانيين الذين ينفون خبر مقتل الحوثي أن يوفروا له فرصة الظهور على الهواء مباشرة عبر شاشات «العالم» و«الميادين» و«المنار»، كما هي العادة، ليوجه كلمة إلى أتباعه ويبدي رأيه في ما يجري في اليمن من تطورات، وليقطعوا الشك باليقين، خصوصاً أن آخر خطاب له كان مع بداية الضربات الجوية للتحالف، حيث اختفى بعدها ولم يعد يعرف أحد على وجه الدقة إن كان قد قتل في المعارك أو جرح أو أنه لايزال على قيد الحياة وبكامل صحته ويقوم بواجبه والتزاماته. بعض المواقع الإلكترونية نشرت قصة خبر مقتل الحوثي ونفيه، وبينت كيف أن صفحة قناة «العالم» زعمت أنها لم تنشره وإن موقعها تعرض لقرصنة. أحد تلك المواقع الإلكترونية كتب «الأسئلة التي تثيرها هذه القصة هي هل قتل عبدالملك الحوثي فعلاً لكنه يجري التكتم على هذا الخبر وجرى تصحيح «غلطة النشر» بافتعال قصة الاختراق، أم أنه تم اختراق الحساب فعلاً من قبل «هاكرز» لتحدث هذه الضجة؟». والأمران واردان. حتى اللحظة يجمع المراقبون على أن الخبر إشاعة وأنه غير صحيح بالمرة، خصوصاً أنه لا توجد مؤشرات على مقتله سوى غيابه عن الإعلام، ويرى بعضهم أن نشره ربما كان لتحقيق غرض سياسي معين كمنع صدور قرار من مجلس الأمن الذي يعتزم اتخاذ موقف أوضح ضد جماعة أنصار الله وزعيمها، أو لأسباب أخرى تصب في مصلحة الحوثيين وطهران التي لاتزال تنفي دعمها للحوثيين رغم كل الشواهد على تورطها. موقع إلكتروني آخر علق على خبر مقتل عبدالملك الحوثي بالقول إنه مغرم بالخطابات الطويلة المتلفزة، وظهوره في خطاب جديد سيزيل تلك التكهنات في ظل انهيار كبير يشهده مسلحو الجماعة في اليمن.وتزامناً مع خبر مقتل الحوثي انتشر خبر عن مقتل أحمد بن الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح حيث تم تداول الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، ويبدو أنه هو الآخر غير دقيق وأن هناك من هو مستفيد من مثل هذه الإشاعة.في مثل هذه الظروف من الطبيعي أن تنتشر مثل هذه الأخبار، فهناك دائماً من هو مستفيد منها في لحظة أو أخرى، وهناك دائماً من يتمناها أو يتمنى غيرها، حيث الإشاعة أداة من أدوات الحرب مهمة، وحيث نشر خبر ونفيه لاحقاً يدخل ضمن هذه الأدوات، فالحرب خدعة، ومثل هذه الأخبار تدخل في باب الخدعة. من هنا صار لزاماً التأكد من كل خبر ينشره أو يبثه الإعلام الإيراني على وجه الخصوص، فلعل المراد من مثل هذه الأخبار التشويش على تحركات وخطط التحالف، خصوصاً أن لدى إيران تجربة مهمة في الحروب في المنطقة ولا بد أنها اكتسبت الكثير من الخبرة وتعلمت الكثير من الألاعيب. ظهور الحوثي هذه المرة ينبغي التيقن منه.