تبدو الجامعة العربية ذات السبعين عاماً كعجوز تخرج من مأتم ولد لتدخل عزاء آخر، فرغم ما تملكه من سلطة؛ إلا أنها لم تستطع وقف مقتلهم على يد الصهاينة أو على يد إخوانهم لفشلها في تطبيق ميثاق التضامن العربي واتفاقية الدفاع العربي المشترك، رغم بلوغ معظمهم سن الاستقلال منذ أكثر من نصف قرن. في اجتماع قادة أبناء هذه العجوز بشرم الشيخ تقرر تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة، وفي ورشة أمن الخليج «الأمن غير الآمن.. تهديد جديد واستراتيجيّات قديمة» التي عقدها مركز الإمارات للسياسات 6 أبريل 2015م، طرح محور مشروع القوة العربية المشتركة، وكان مسيطراً على الحوار أربعة جنرالات عرب متقاعدين تفوح آراؤهم بعبق الهزائم. لقد كان حديثهم عاطفياً أبكى الحاضرين فامتشقوا سياطهم لجلد الذات ووسعوا بالمجالس لتتربع الهزيمة بيننا. فهل هذه هي حقيقة التعاون العربي العسكري المشترك أم أنهم أتوا من مؤسسات لم تعرف إلا الهزائم؟ فكيف يبثون ما يحطم القوة العربية المشتركة قبل أن ترى النور؟ وأين النجاحات العسكرية العربية كمواجهة أطماع قاسم في الكويت 1961م بقوات 5 دول عربية؟ وكيف نتجاوز نصر أكتوبر 1973م، ووقف الحرب الأهلية اللبنانية بقوة الردع العربية من 6 دول، وتحالف القوات العربية بحرب تحرير الكويت1991م حيث كانت قوات دول مجلس التعاون العمود الفقري له بعددها وأسلحتها؟لقد تغير هيكل القوات الخليجية منذ 1991م وأصبحت من أوضح التحالفات العسكرية في القرن 21، فلديها قوة بحرية وجوية وبرية حديثة وتعمل تحت شبكات موحدة للرقابة والإنذار الجوي والصاروخي المبكر مربوطة بغرفة مراقبة وإنذار مركزية، كما أن لها قيادة مشتركة، وهيكل درع الجزيرة الحالي يبدو كحل مناسب لتجاوز إشكاليات البدايات وعوائقها نحو تشكيل القوة العربية المشتركة، فمقر قوات درع الجزيرة بحفر الباطن موقع استراتيجي لقربه من مناطق التهديد بدوافع إيرانية، ودرع الجزيرة نواة جاهزة تتألف من فرقة من 30 ألف عسكري، بل إن قيادتها بخبرة 33 عاماً من العمل المشترك تجعلها الأكثر تأهيلاً لقيادة الحلف العربي. وقد طرحت في الماضي أفكاراً حول ضم دول عربية أخرى للحلف الخليجي كشريك استراتيجي، ومشروع القوة العربية تحقيق لتلك الفكرة عبر فرز قيادات وحدات عسكرية نخبوية من القوات الخاصة للجيش المشترك مع بقاء تلك القوات في بلدانها وإدامة العمل المشترك بالتمارين، فلا تكون عبئاً على قاعدة الملك خالد ولا تشكل مشاركتها فراغاً في بلدانها، مع اعتماد قوات درع الجزيرة المشتركة كقوة ضاربة للتدخل السريع. بالعجمي الفصيح..لقد أخفقت الهياكل السياسية العربية في حل الكثير من المشاكل العالقة، وحين نقرأ ما كتب من نقد حول القوة العربية المشتركة نزداد قناعة بضرورة إعطاء الهياكل العسكرية فرصة لحل ما تواجهه الأمة العربية من تحديات. بإمكاننا الجزم أن ظهور القوة إلى النور يعني الكثير، ليس للمواطن العربي فحسب، بل لمصادر التهديد الخارجية، فتعرض دولة عربية للانقلاب على سلطتها الشرعية بمساعدة خارجية يستدعي تشكيل هذه القوة، ومن يرسل غلمانه للقول إن القوة العربية المشتركة تزيد الشقاق والطائفية، وإنها قوة عربية مشتركة لقمع الثورات تجعلنا على قناعة من خوفه من تشكيل هذه القوة، كما نضيف لهم من كتب أن القوة العربية المشتركة هي من مفردات الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يبدو وبدوافع صهيونية أنه يريدنا أن ننسى مقدساتنا تحت شعارات السلام. وبعد الغيبوية التاريخية، وبعد أن أخذت الإفاقة العربية منحى تعبوياً خلال عاصفة الحزم ثم مشروع القوة العسكرية العربية المشتركة لا نجد إلا أن تضحي دول الخليج وتقوم بتمويل القوة المنشودة واستضافتها، فدول مجلس التعاون هي الأكثر تأهيلاً بوجود قوات درع الجزيرة المشتركة كنواة للقوات العربية.