كثير من الكتاب والمحللين الغربيين والأمريكيين خاصة، وكذلك مراكز الأبحاث المختلفة قدموا تصوراتهم ورؤاهم حول عملية عاصفة الحزم بأنها «تحول إيجابي» في الدور الأمني لدول الخليج العربية التي أشادوا ورحبوا بتوليها مسؤولية أمنها لأول مرة في تاريخها الحديث، بعد أن كانت تعتمد على الحماية البريطانية في مرحلة ما قبل الاستقلال خلال سبعينات القرن العشرين، والحماية الأمريكية في مرحلة ما بعد الاستقلال. هذه التصورات لم يكن هدفها «الإشادة» فعلاً بظهور قوة عسكرية عربية بقيادة السعودية، بل كانت تنظر للتحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن على أنه فرصة هامة نحو التخفيف من الأعباء التي تتحملها الولايات المتحدة عسكرياً وسياسياً تجاه دول الخليج العربية والتي ارتبطت بمعظمها بمعاهدات دفاعية بعد حرب الخليج الثانية مطلع التسعينات الماضية. تزداد التحليلات الخاصة بالحاجة لتحجيم الدور العسكري والأمني الأمريكي في الخليج العربي لأسباب متعددة، وهي ليست بجديدة، ولكنها تدفعنا لتساؤل مختلف لا علاقة له بالولايات المتحدة ومصالحها واستراتيجياتها هنا في الخليج؛ هل دول مجلس التعاون الخليجي قادرة بالفعل على حماية مقدراتها وأمنها؟ وهل حان الوقت لتتولى أمنها الخارجي بنفسها؟مثل هذه الأسئلة لم تطرح كثيراً خلال العقود الماضية، وأثيرت بشكل محدود خلال الأزمات عندما كان التركيز يتعلق بضرورة إيجاد تحالفات دولية من شأنها المساهمة في حماية الدول الخليجية، وفي الوقت نفسه حماية مصالح الحلفاء الدوليين. لذلك نحن بحاجة لنقاش خليجي موسع الآن دون تأخير، حول مستقبل أمن الخليج، ودور الأطراف الدولية المشاركة فيه، وكذلك دور الدول المسؤولة عن أمنه وصولاً إلى المعادلة الأنسب لحماية هذه المنطقة الاستراتيجية. قد يكون من المبكر حسم الإجابة عن مثل هذه التساؤلات، ولكن المعطيات الحالية تشير إلى احتمال تراجع الدور الدولي فيه لأسباب كثيرة ليست محل نقاشها هنا. النقاش الذي نطالب به يهدف إلى تحديد مستقبل أمن الخليج لنحدد مستقبل منطقتنا، والخيارات عديدة في هذا المجال، ومنها على سبيل المثال: أولاً: الاعتماد على التحالفات الدولية التي قد تشمل قوى عظمى أو كبرى أو حتى إقليمية.ثانياً: إنشاء قوة عسكرية إقليمية مسؤوليتها حماية أمن الخليج، وهو مقترح مغاير لما طرحه الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان عام 1981.ثالثاً: التخلي عن المظلة العسكرية الأمريكية في الخليج العربي بكامل قواعدها واستبدالها بالاعتماد على مجموعة من القوى الدولية. لا توجد تصورات خليجية نهائية لمستقبل أمن الخليج، ولا أعتقد أن المنطقة ستعود إلى حالة من التوازن كتلك التي حاول تحقيقها الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون عندما طرح مبدأه الشهير عام 1969. لذلك فإن الشروع في نقاش نخبوي على الأقل قد يدفع نحو ظهور تصورات أكثر ابتكاراً تقدم مصلحة دول مجلس التعاون في الحفاظ على أمنها الاستراتيجي بدلاً من تقديم مصالح قوى أخرى.
Opinion
من هو شرطي الخليج الجديد؟
16 أبريل 2015