حين لا يدرك موظف الدولة أن استغراقه في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها أوقات الدوام هو مضيعة لوقت الجمهور، فهذه مصيبة، ولأنه يغط في غيبوبة غبية، معتقداً غفلة الجهات المعنية عن سلوكه غير الحضاري، تطالعنا الأخبار الرسمية عن تفاصيل مزعجة وخطيرة لموظف الدولة المتقاعس عن أداء الأمانة في وقت ومكان عمله.لتفاصيل أكثر حول هذه الفوضى التي تنخر في الكثير من مؤسساتنا الرسمية أوقات الدوام، كشف لنا مستشار أمن المعلومات بالجهاز المركزي للمعلومات أحمد الدوسري، أن "الموظف الحكومي يدخل بمعدل 28 مرة يومياً لمواقع التواصل الاجتماعي من أجهزة العمل، بحسب إحصاءات 2014". وأوضح الدوسري، لصحيفة الوطن، أن أوقات ذروة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من أجهزة الحاسب الآلي التابعة للعمل، تقع ما بين الـ 11 – 12 ظهراً، تليها الـ 2 ظهراً، ثم الـ 1 ظهراً، وتأتي بعدها الساعة الـ 8 صباحاً. أما عن أكثر الشهور استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي، فأشار الدوسري إلى أن شهر "مارس" هو الأكثر ضغطاً على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يليه "يناير" ثم "فبراير"، فيما يأتي "يوليو" بالمرتبة الأخيرة بين أشهر العام. وفيما يخص الاستخدام بحسب أيام الأسبوع، يأتي يوما الأربعاء والثلاثاء بالمرتبتين الأولى والثانية، فيما يأتي الخميس بالمركز الثالث، يليه الأحد ثم الاثنين، وبعدها السبت والجمعة على التوالي. وأضاف أنه يتم استخدام حوالي 57 جيجا بايت يومياً فقط لمواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بناء على الإحصائيات الموجودة لدى الجهاز المركزي للمعلومات.ليس هذا أخطر ما كشف عنه الدوسري حول هذا الموضوع، بل هنالك ثلاثة أمور خطيرة لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها دون محاسبة، الأمر الأول أن هنالك قوائم تحتوي على عدد من المواقع الغريبة أو الخاصة بالتعارف غير الأخلاقي، وغيرها من المواقع التي لا تخص جهات العمل بأي شيء، يقوم بعض الموظفين بدخولها. أما الأمر الثاني، فإن دخول تلك المواقع يهدد الحواسيب الخاصة بالعمل، والتي بدورها تعد تهديداً مباشراً لسرية المعلومات، كون العديد من تلك الصفحات أو المواقع غير آمنة، ويمكن للمخترقين استخدامها من خلال إرسال روابط وهمية أو فيروسات أو برامج تجسس إلى الحواسيب الخاصة بالعمل. أما الأمر الثالث الذي أوضح من خلاله الدوسري خطورة هذا السلوك، هو أن "الدراسة بينت وجود (تقاعس) في أداء العمل، والذي يعني بدوره ضعفاً في الإنتاجية، كون الموظف مشغولاً بمواقع التواصل الاجتماعي بدلاً من أن يؤدي الوظائف الخاصة به".من الضروري أن يقوم الموظف بتطوير نفسه من ناحية البرامج الخاصة بالحكومة الإلكترونية التي تؤهله لدخول عالم هذه الحكومة، ولا مانع في حال قام الموظف باستخدام بعض مواقع التواصل الاجتماعي لبعض الوقت، شريطة أن يكون قد أنجز كافة معاملاته بكفاءة تامة وإخلاص. لكن ما تكلمت عنه لغة الأرقام على أرض الواقع يعتبر أمراً صادماً للجميع، ولهذا يجب إعادة النظر في طبيعة استخدام موظف الدولة للحواسيب الخاصة بالعمل، وتقنينها بطريقة تحفظ سلامة العمل، دون المساس بخصوصية الأفراد، وهذا كله يحتاج لإعادة الاستراتيجيات الخاصة بالحكومة الإلكترونية المتعلقة بالاستخدامات الشخصية، والمساحات المتاحة للموظفين فيها، مع وجود قوانين تضبط عملية استخدام الحواسيب الحكومية في إطارها السليم، وإلا ستظل العملية أكثر من"سايبه" في حال وجود محفزات للتراخي أوقات العمل، وهذا ما يخصنا في هذا الموضوع.