الوعي بغياب التنمية أخذ في التزايد، نجده في تصريحات بعض النواب الذين انتخبوا مؤخراً ووجدوا أهالي مناطقهم ينهالون عليهم بالشكاوى والمطالب، ونجده لدى الوفود التي تتدفق من المناطق التي تعاني التهميش والإهمال على المسؤولين في الحكومة مناشدة إياهم الاهتمام بمناطقهم وسكانها، كما نجده في القضايا والمشاكل المطروحة والمتداولة في المجالس الشعبية، وهو وعي لا يمكن التغاضي عنه أوالتعامل معه بأسلوب التخدير.الوعي المطالب بالحاجة إلى التنمية وبضرورة تحقيقها في عموم البحرين وليس في منطقة ولا مناطق معينة، فالمعاناة عامة، والنواقص ملموسة في كل مكان، والأخذ بالتنمية وتحقيق متطلباتها أمر لا مناص منه ولا يحتمل التأخير أكثر من ذلك.لكن السؤال الذي يطرح هنا هو: هل الحكومة التي قدمت برنامجها الخالي من التنمية مؤخراً لديها النية والاستعداد في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد، ثم - وهذا هو المهم - هل لديها الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق التنمية..؟ فمن المسلم به أن التنمية تحتاج إلى تخطيط، والحكومة لا تؤمن بالتخطيط، وهي ترفض الأخذ به منذ ثمانيينات القرن الماضي عندما أجهضت (لجنة الخيارات الاستراتيجية) وهي جهاز التخطيط الوحيد والناجح، وبعدها ظلت رافضة لمقترحات مجلس النواب المتتالية بإنشاء هيئة أو مجلس أو وزارة تخطيط.والتنمية تعتمد على ميزانية برامج وهذه الميزانية لم تر النور منذ نصت عليها الاستراتيجية الاقتصادية عام 2008، ثم إن برامج التنمية تقوم على مشروعات تصب كلها في مصلحة المواطن، وهذه المشروعات تحتاج إلى تمويل من الإيرادات العامة التي تسخر معظمها لإقامة المشروعات التنموية وهي كثيرة وبحاجة إلى مليارات الدنانير.وبالتالي ومهما قال المسؤولون في الحكومة ورددوا أنهم سيلبون مطالب الشعب بإقامة التنمية في مدنهم وقراهم، وأنهم سيهتمون بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية فإنهم لن يتمكنوا من تحويل أقوالهم إلى أفعال في ظل تراجع الإيرادات النفطية وعدم إيجاد البدائل لذلك مما يجعلهم يتحدثون عن تنمية في الوقت الضائع.