إن كنا اليوم تعدينا تداعيات ما حصل قبل أربعة أعوام من محاولة لاختطاف الوطن، تخطيناها بكثير من الدروس والعبر، تخطيناها عبر ممرات وعرة وتعلمنا منها بالأسلوب الصعب، فإننا اليوم بحاجة للتركيز بشكل أكبر وأقوى باتجاه المستقبل وحده. من غير الحصافة الانغماس في العيش بالماضي، لكن هذا لا يعني نسيان كل ما حصل وتصفير العدادات وكأن شيئاً لم يكن، بل على العكس يظل الماضي يمثل درساً وتذكيراً وحالة غنية للدراسة فيما يتعلق بأين أخفقنا، وبماذا أخطأنا، وكيف تهيأت الأمور تمهيداً ومع تعاقب زمني، لنفاجأ بنتيجة كادت أن تكلفنا البلد بأكملها. من يتحرك للأمام فقط دون تذكير نفسه بأين كان سابقاً هو يجعل نفسه عرضة لتكرار الوقوع في الخطأ، كمن يمشي وسط حقل ألغام دونما اكتراث بما تحت قدميه. لكن هذا لا يعني -كما أسلفنا- أن نغرق في الماضي ونمحور كل حراكنا عليه وكأن ما حصل قبل سنوات يحصل في الوقت الآني، ولابد بأن يكون التحرك بنفس المستوى وبنفس النسق وبنفس القوة.تعامل الدولة -وإن كان ليس بنفس الوتيرة المتسارعة التي كان ينشدها المخلصون من أبناء هذه الأرض الذين اكتووا مباشرة مما حصل وأقلق حياتهم- تعاملها جاء بنسق تصاعدي مدروس أفضى للنتيجة المطلوبة بكسر شوكة من استقوى على البلد وها هو الآن يعيش حالة تخبط وفشل، وعليه فإن الدولة نجحت نجاحاً مطلقاً في الحفاظ على كيانها وحماية شعبها، وبقي لمن يريد لها الشر الصراخ عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام الخارجي بالأخص المتضامن معه في النوايا والأطماع والأهداف، أو مناشدة واستعطاف الدول الأجنبية لتقول كلمة هنا وإصدار بيان من أية منظمة (لا يهم) في اتجاه آخر.اليوم كل هذا لا يجب أن نضيع الوقت في التوقف عنده، لا يجب أن نمنح أي محاولة لإثارة غبار اهتماما، ولا يجب منح من يحاول إحياء ما مات قبل سنوات اكتراثاً بأن ما يفعله يجدي نفعاً. نتحدث اليوم عن دولة وشعب وقفا بقوة لمنع السوء عن الكيان البحريني ونجحا فيه نجاحاً كبيراً، وعليه فقط جفت الأقلام وطويت الصحف.هؤلاء ومن يحاول منهم استقطاب أي اهتمام انتهوا فيما سعوا إليه، وإن كان لهم من حل فيتمثل بالتخطيط لمحاولة أخرى مشابهة، لكنها من الاستحالة أن تحصل إن تعاملنا بنفس الأسلوب الذي ذكرناه سابقاً، أي التقدم إلى الأمام دون نسيان ما حصل، المضي بقوة في اتجاه المستقبل دون إغفال أهمية من تحصلنا عليه من الماضي.التحدي الأكبر اليوم هو المستقبل، وكيف نبنيه، وكيف نساهم في قيادة حراك الدولة إلى الأمام، وكيف نحقق لها التطور في العمليات وتحسين المخرجات وبالتالي رفع مستوى رضا المواطن، وما يسهم في الارتقاء بمؤشر السعادة.الدول التي تحظى برضا شعبي كبير على حراكها، هي تلك الدول التي تعلمت من الماضي الدروس، ولم تعش حاضرها بماضيها، بل استثمرت ما حصل في بناء استراتيجيات أقوى وأنجع، في توجيه الطاقات لما هو مهم، ولجعل الناس في حالة سعادة معيشة تنعكس إيجاباً على انتمائهم وولائهم وحبهم لبلادهم.نصيحة لمحبي تراب البحرين والمخلصين لها ومن دافعوا عنها وسيظلون يدافعون عنها، لا تشغلوا أنفسكم بأمور باتت وعرابوها في عداد الأموات تاريخياً، لا تعطوا كاره البلد أكبر من حجمه، نعم ردوا عليه وأفحموه حينما يستفحل شره، لكن مستصغر الشرر لا يستدعي النفخ فيه ليكبر، هذا الشرر حرقوا أنفسهم به، وظلت البحرين وأهلها المخلصين هم من في المقدمة.ركزوا اليوم على المستقبل، وكيف نتقدم به في عملية الإصلاح والتصحيح، وكيف نخدم المواطن، وكيف تكون دولتنا ماضية على نسق تصاعدي في البناء والتنمية وإسعاد البشر، هذا هو المهم، وهذا هو التحدي، أما من مات، فقد مات، ولن يجرنا قسراً لنفخ الروح فيه!
Opinion
لا تنفخوا الروح في الأموات!
21 أبريل 2015