منذ أن بدأت الضربات العسكرية لعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ضد حركة الحوثي وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح؛ والخطاب الإيراني ضد عاصفة الحزم يتنقل من أدنى مسؤول سياسي وبرلماني وعسكري مروراً بوزير الخارجية والمرشد الأعلى وانتهاء برئيس الجمهورية حسن روحاني، حاملاً ألفاظاً ونعوتاً ضد المملكة العربية السعودية والدول العربية المشاركة في عاصفة الحزم، هذا ناهيك عن الخطابات النارية لوكيل إيران في لبنان، زعيم حزب الله حسن نصر الله، والتي كان آخرها يوم الخميس الماضي، حيث كان في صوته ما يوحي بأنه مخنوق من شدة الألم الذي يعانيه مما خلفته الضربات العسكرية لعاصفة الحزم ضد حلفائه في اليمن.لكن، هل الموقف الإيراني سوف يبقى في حدود هذا الخطاب الحزين الذي لا شك أنه يعكس شدة المرارة التي تعض كبد النظام الإيراني وأتباعه؛ أم أن هذا الخطاب يمكن أن يتطور ليصل إلى حد اللجوء إلى العمل العسكري ضد الدول المشاركة في عاصفة الحزم؟من يعرف العقلية السياسية الإيرانية يستطيع بسهولة أن يحدد الخطوة الإيرانية القادمة، فبدون معرفة العقلية السياسية الإيرانية التي تتسم بالمراوغة وقت الضعف لا يمكن الجزم بالخطوة الإيرانية القادمة. لقد سارعت إيران وعبر وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى طرح مبادرة بشأن اليمن قدمتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تدعو فيها إلى: «وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الهجمات العسكرية لعاصفة الحزم، وتقديم المساعدات الإنسانية، واستئناف حوار وطني واسع، وتشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة»، هذه المبادرة تعكس جانباً من الأسلوب الإيراني في المراوغة عند ما تكون في موضع الضعف، فهي سبق أن رفضت جميع المبادرات السياسية الأممية والإقليمية لحل الأزمة السورية، وهي التي أحبطت جميع الحلول والمبادرات الدولية والإقليمية لتأسيس حكومة شراكة وطنية حقيقية في العراق، وهي أيضاً كانت وما تزال وراء إسقاط المحاولات الرامية لانتخاب رئيس جمهورية للبنان من خلال تعنت حزب الله وحركة أمل وحلفائهما من أمثال الجنرال عون وحزب البعث الموالي لبشار الأسد. كما لا يمكن لأي متابع للشأن اليمني أن يتجاهل دور إيران في إسقاط المبادرة الخليجية التي سعت إلى حل الأزمة اليمنية عبر تشكيل نظام شراكة وطنية يكون للحوثيين حصة فيها على قدر حجمهم، وذلك يوم كانت إيران ترى نفسها أنها صاحبة اليد الأطول والموقف الأقوى في اليمن، لذا فعندما تأتي اليوم وتطرح مبادرتها الخاوية المصحوبة بهجوم إعلامي وخطابات هستيرية ضد المملكة العربية السعودية والدول المشاركة في عاصفة الحزم؛ فإنها تكشف عن ضعف موقفها الذي لم يتجاوز لحد الآن سوى هذه المبادرة العقيمة وهذه الخطابات المريضة، وذلك بهدف تخدير أتباعها وحلفائها أولا، وإظهار نفسها بمظهر الدولة المسالمة في المنطقة، حيث أنها تعلم أن مثل هذه الألاعيب تنطلي على أتباعها الذين أدمنوا هذه الخطب الرنانة، وتنطلي كذلك على الكثير من السذج والأميين الذين لا علم لهم بفن السياسية وبالحيل التي يجيدها ملالي النظام الإيراني، والتي هي من صلب عقيدتهم الباطنية.لهذا نرى أن الصراخ الإيراني ناجم عن موقف الضعف الذي يشعر به حكام طهران حيال الحدث الكبير الذي أوجدته عاصفة الحزم التي لم تستهدف الحوثيين كونهم جماعة متمردة على الشرعية في اليمن، بقدر ما أنها استهدفت أحد أهم أذرع المشروع الإيراني في المنطقة، ولهذا لا يمكن لإيران أن تذهب أبعد من هذا الذي قامت به لحد الآن.ولكن قد يقول قائل إن لإيران أتباعاً وأذرعاً في بعض الدول الخليجية المشاركة في عاصفة الحزم قد تلجأ إلى تحريكهم لخلق ورقة ضغط داخلية ضد هذه الدول؛ نقول إن التجربة التي عاشتها مملكة البحرين أفضل مثال لأتباع إيران في المنطقة، حيث ورغم كل الدعم الذي حصلوا عليه من إيران وبعض الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل، واعتقد جازماً أن أتباع إيران في الخليج الذين يعيشون بنعيم ورفاهية يحسدهم عليها العالم أجمع لن يضحوا بهذا النعيم ليكونوا بين سجين وطريد يتسكع في الأزقة المظلمة لمدن قم والنجف، خصوصاً وأن بعضهم قد خاض في ثمانينيات القرن الماضي تلك التجربة المريرة.