البحرين كدولة أبدت دائماً حسن النوايا في تعاملاتها الخارجية سواء على صعيد الدول أو على صعيد المنظمات الدولية أو حتى مؤسسات المجتمع المدني ذات المستوى الدولي.لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ هل هذه الأطراف تعاملت مع البحرين بحسن النوايا؟!نعرف تماماً توجهات عديد من القوى العالمية، والتاريخ يؤرخ لكثير من الممارسات التي حصلت بهدف استهداف استقرار الدول، أو بهدف زرع خلايا داخلها تثير الفوضى والقلاقل، ناهيكم عن المبدأ السائد القائم على معادلة «لا توجد صداقة دائمة، بل مصلحة دائمة».وعلى هذا المنوال ترى كيف كانت العلاقات مع بعض الدول، وكيف كانت تصرفات بعض السفراء في الداخل، بل لاحظنا كيف يكون الخطاب متذبذباً ومتقلباً ومرتبطاً بتبدل الأحداث وتقلب الموازين.الدول تتعامل بدبلوماسية في مقام أول، وهذا لا يعني أن الصداقة القائمة على الثقة المطلقة هي المعيار، بمعنى أن الدولة التي تتعامل مع الآخرين وهي مؤمنة بأنهم سيعاملونها مثلما تعاملهم هي تجازف برهانها هذا، فالتاريخ يثبت أن الطيب في عالم السياسة يتعرض للأذى من قبل خبثاء هذا العالم.في مقابل ذلك، مؤسسات المجتمع المدني الدولية والمؤسسات العالمية هي بحد ذاتها عالم آخر، فيه من الفساد وتنافي الأخلاقيات والتناقضات التي تضرب المهنية الشيء الكثير.هناك جمعيات صميم عملها استهداف الأنظمة والدول، تستخدم أسلوب الابتزاز الإعلامي الذي ما إن تتأثر به دولة، ويتضح بأنها تفاعلت بشكل انفعالي معه، ما أن تتزايد هذه العملية، ويصبح الهدف ليس البحث عن الحقيقة، أو السعي لإحقاق الحقوق، أو الدفاع عن قضايا عادلة، بل يصبح الهدف تشويه سمعة هذه البلد ونشر ذلك في الإعلام الغربي الذي بنت هذه المنظمات اسما لها فيه حينما تأسست وصبغت نفسها بصبغة الكيانات المعروفة على الصعيد الدولي.تقارير عديدة مغلوطة تنشر، ومعلومات خاطئة تبث، وإصرار على تغليب صوت واحد وجهة واحدة فقط، بات ديدن هذه المؤسسات والمنظمات، ووصل التمادي في هذا الانحياز والبروز بالوجه الانتقائي القبيح إلى درجة عدم التحرج من التواصل مع الأنظمة وأخذ المعلومات كاملة، وبعدها يتم تغييب رأي الدولة بشكل متعمد ومعيب وبأسلوب منحرف مهنياً.حصل هذا للبحرين في كثير من المناسبات، ومؤخراً أقدمت منظمة العفو الدولية على تعمد تشويه صورة البحرين في تقرير أخير لها، رغم أن موفديها الذين تربطهم ببعض المحكومين «علاقات شخصية» وضعوا ألف خط تحت وصف «علاقات شخصية»، رغم أنه تم توفير كافة الظروف والمعلومات لهم، وتم تسهيل لقائهم مع من يطلبون وبكل أريحية وحرية من قبل الأمانة العامة للتظلمات، بل تم الرد على كل نقطة وتساؤل طرحوها وبشكل موثق ورسمي، ولكن يظل «الأعوج أعوج» ويظل صاحب الأجندة مهووساً بتنفيذ أجندته حتى لو ضرب المصداقية التي يدعيها عرض الحائط، وبالتالي كانت «المهزلة» بنشر تقارير أغفلت رأي الجهة الرسمية وتجاهلت ردود الدولة وإجاباتها، بل ناقضت الواقع الذي رأوه بأعينهم والكلام الذي سمعوه بلسانهم حتى من الموقوفين أنفسهم.مثل هذه المنظمات لابد أن يتم التعامل معها بأسلوب يبتعد عن حسن الظن وحسن النوايا، هؤلاء يأتون للبلاد بنوايا خبيثة مستغلين السمعة التي بنوها كمؤسسة زمنية بمعيار التقادم الزمني ليس أكثر، بل يرسلون فرقاً من أعراق معينة ومن خلفيات أيدلوجية وفكرية معينة. مثل هذه الفرق لابد أن تفكر الدولة بشكل جدي وحاسم بعدم السماح لهم بدخول البلد، خاصة مع تكرار مخالفاتهم، لابد أن تعرف هذه المنظمات حجمها في مقابل هيبة الدول وسيادتها، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، طالما أن حسن النوايا وتسهيل مهامهم (التي هي أصلاً غير ملزمة) تقابل سوء النية وخبث الأهداف.والله لن نخسر شيئاً إن أوقفناهم عند حدهم، لن يطالنا منهم سوى الصراخ الذي هو قدر الألم، في المقابل الفائدة للدولة ذاتها التي ستسد بابا يسبب إزعاجاً غير مبرر.