"رؤساء أركان الجيوش العربية يجتمعون في القاهرة"؛ هذا هو عنوان الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء يوم الأربعاء الفائت، وبعد انتهاء المذيع من إذاعة هذا الخبر؛ لم يكن غريباً أن يليه الخبر التالي "مقتل مفتش مباحث أمن القاهرة ومرافقيه برصاص مسلحين".بين الأمن والإرهاب شعرة، وبين بناء الجيوش ومقتل الجنود شعرة أيضاً، وبين هذا وذاك يعتبر "قلب" ورقة المذيع هو الفاصل الزمني بين حفظ الأوطان وضياعها، فكل الجيوش العربية باتت مستهدفة، كما هي كل الأوطان العربية باتت جميعها في مرمى الإرهاب، وبين اجتماع قادة الجيوش في عاصمة العرب وبين اغتيال أحد كبار المسؤولين الأمنيين فيها تكمن المفارقة.في الحقيقة لست من المؤمنين بأن ما يجري من تدمير ممنهج للجيوش العربية واستنزافها وحشرها في معارك داخلية هو شأن داخلي، بل أنا من المؤمنين تماماً أن ما يجري من فوضى وتدمير لجيوشنا العربية هو مؤامرة دولية صهيونية لتفتيتها وإشغالها عن كل ما يمكن أن تقوم به وقت الحاجة الماسة في حفظ الأوطان وصون كرامتها، ولهذا لو تتبعنا كل المحاولات الجادة لضرب الجيوش العربية كلها دون استثناء، سنجد أن المستفيد الوحيد من هذه الضربات هم الصهاينة، ومعهم بعض الدول الغربية الطامعة في النفط وفي نهب خيراتنا.حين تضعف الجيوش العربية أو تتفتت أو حتى حين تتفكك بطريقة أو بأخرى؛ فإن هذا يعني أن المناعة الحقيقية لبقاء الأوطان قد انتفت، وحين يصبح قتل الجندي العربي أمراً اعتيادياً ستهبط حينها أسهم الجيش الذي ينتمي إليه، فلا الحرب ضد جيوشنا هي حرب إرهاب أو جماعات مسلحة هنا أو هناك، بل هي حرب محكمة تدار عبر مراكز استخبارات عالمية، حتى لو كانت في الظاهر تدار عبر وكلاء لهم في الوطن العربي.إن ما يجري في مصر وبقية الدول العربية لهو أمر مرعب جداً، فلا الأمن هو الأمن وليست الجيوش هي تلك الجيوش، فالربيع العربي أنهك كل ما هو عربي، ولعل من أبرز ضحاياه الجيوش العربية كلها، فلا أمن لضابط في الجيش المصري ولا أمن لمواطن يبيع "الفول"على هامش الحياة في سيناء، فكل شيء في عواصمنا بات تحت مرمى الإرهاب الدولي والمحلي.حين يجتمع رؤساء أركان الجيوش العربية في القاهرة عليهم أن يناقشوا كل الإشكاليات التي تعصف بالجيوش العربية، وأن يتعهدوا بصونها وصون كرامة الجندي العربي الذي يجب أن يوجه لدخول المعركة "الصح"، والابتعاد عن المعارك التي تستنزف قدراته وتنهي مسيرته من ضربة طائشة أو في اغتيال يتم في غسق الليل.يجب أن نحافظ على قوة وهيبة الجيوش العربية التي إن سقطت فلا شيء يمكن بعدها أن يبقى في أوطان لا تملك من حفظ وجودها سوى تلكم الجيوش التي تحميها من كيد الطامعين والمتربصين ومن كل بؤر الإرهاب، من المحيط إلى الخليج.
Opinion
بين اجتماع القاهرة والاغتيال.. أنفاس مذيع
24 أبريل 2015