رافق إعلان قوات التحالف عن انتهاء عملية «عاصفة الحزم» مع نهاية يوم الثلاثاء 21 أبريل وبدء عملية «إعادة الأمل»، نجاحاً للمملكة العربية السعودية على الصعيد الاستراتيجي والعسكري، بتحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها، وذلك بكسر شوكة الحوثيين ووقف تمددهم في المدن اليمنية، ومنع اندفاعهم مستقبلاً كقوى مسلحة موازية للجيش اليمني، في استنساخ لتجربة «حزب الله» اللبناني.يشكل هذا النجاح للمملكة العربية السعودية بعداً مهماً في توازنات القوى الإقليمية، بعد 12 عاماً من تفكيك العراق، الذي كان موازياً ضارباً لقوة إيران في المنطقة، وبغيابه، أو بعدما استوعبته طهران، تحت جناحيها، بعد الحرب الأمريكية التي فتحت الطريق، بدأت التدخلات الإيرانية في السياسة الإقليمية تأخذ أبعاداً سافرة بلباس طائفي، خاصة أن جيشها التقليدي يعد الأضخم عدداً في المنطقة بعد سقوط النظام العراقي، ومنذ حينها كان الاعتقاد السائد ألا قوة إقليمية تستطيع أن تضع حداً لطهران.المتتبع للأوضاع السياسية في دول المنطقة لابد أن يجد البصمة الإيرانية حاضرة، بمختلف المسميات، في العراق وسوريا والبحرين، وهو أمر لا ينكره إلا من لا يتابع حراك الأوضاع في المنطقة، أو من لا يفهم مقتضيات المصالح الإيرانية في المنطقة.أعادت السعودية عبر «عاصفة الحزم» ميزان التوازنات الإقليمية إلى نصابه، وأزالت عبر عمليات «عاصفة الحزم» التهديدات الموجهة للمملكة ودول الجوار، وفككت سيطرة الصراع الثلاثي الإيراني والتركي والإسرائيلي على احتكار الحرب والسلم في الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب الباردة، ودخلت مكوناً رابعاً له اعتباره في المنطقة.السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو هل ستواصل المملكة العربية السعودية هذا الدور الجديد عسكرياً في المنطقة إن استدعى الأمر في سوريا أو في العراق؟ هذا ما تخشاه طهران. صحيح أن التدخل في اليمن له حسابات مختلفة، ذات أبعاد استراتيجية تتعلق بمضيق باب المندب الذي تعبره أكثر من 3 ملايين برميل نفط يومياً، لكن سوريا والعراق يشكلان بعداً استراتيجياً آخر تسعى عبرهما إيران للضغط على السعودية ومحاصرتها.الرهان الحالي أمام المملكة العربية السعودية في أن تنجح بجذب تركيا إلى جانبها ضمن حلف إقليمي يضع إيران ضمن «كماشة»، تكبح جماح أطماعها في المنطقة، على الرغم من مخاوف «الإسلام السياسي» الذي تمثله أنقرة عبر حزب العدالة والتنمية، وإن كان استطاع أن ينجح في الاستمرار بإدارة دفة الحكم في تركيا عكس تجارب أخرى للإسلام السياسي.والطريق من «عاصفة الحزم» إلى «إعادة الأمل» يقود بلاشك إلى اختبار عملي لقدرة المملكة العربية السعودية على إدارة الأزمات، تجهيزاً لدورها الإقليمي الذي دشنته بحرب التحالف في اليمن.إن عهداً جديداً لتوازنات القوى الإقليمي بدأ، رضي بذلك الذين يشككون في نجاح «عاصفة الحزم» أم أبوا، وعليهم أن ينظروا إلى الصورة بمجملها في المنطقة ويأخذوا في اعتبارهم أن شن الحرب في ذاته نجاح.