بودي لو يأخذ استجواب وزير الصحة الذي ينوي مجلس النواب إجراءه منحى عاماً وشاملاً ولا يتركز على شخص وأداء وزير الصحة كفرد على اعتبار أن الوزير في بلد مثل البحرين ما هو إلا موظف في مجلس الوزراء أو الحكومة يعمل بما يعطى له من موارد مالية ومن صلاحيات، وينفذ سياسة تقوم على التعليمات والتوجيهات الفردية والآنية، وليس على استراتيجية مبرمجة ومزمنة ومحددة التكاليف، وموفرة احتياجاتها المادية والبشرية وفقاً للمعايير الدولية.ذلك أن الهدف من الاستجواب ليس محاسبة أو إقالة شخص وزير الصحة واستبداله بآخر «وهذا حدث كثيراً في السنوات الأخيرة» ولكن الهدف هو تحسين الخدمات الصحية وانتشالها من الوضع المتردي الذي وصلت إليه، وهو التحسين الذي يؤدي إلى إيجاد تنمية صحية توفر متطلبات الصحة الوقائية والأولية والعلاجية للمواطن وتجعله يأمن على العيش والعلاج في بلاده، من خلال مستشفيات ومراكز صحية كافية وكفؤة ومكتملة الخبرات والاستعدادات، وموظفة لأفضل الكوادر البشرية الطبية والأجهزة والمعدات على مستوى العالم.وبعبارة أخرى فالأمل أن يؤدي الاستجواب إلى قطف العنب وليس قتل الناطور، وعنب الصحة كثير وهو معروف من قبل الوزير لكنه لا يستطيع الوصول إليه ولا حتى الحديث بصراحة عن عجزه هذا، ومجلس النواب مطالب بدفع الوزير إلى الاعتراف بحقيقة الأوضاع المتردية في وزارة الصحة وتوابعها، والنواقص والاحتياجات البشرية والمادية الملحة لمعالجة تلك الأوضاع وتحقيق التنمية الصحية المنشودة، ومن ثم توجيه المطالبة للحكومة من أجل الحصول عليها.فإذا تردد الوزير أو تصرف كموظف ملتزم بما تريده الحكومة أن يقول فعلى المجلس أن يركز في استجوابه على إعادة النظر في تشكيل المجلس الأعلى للصحة ليتكون من الكوادر الصحية البحرينية الخبيرة من داخل وخارج وزارة الصحة، وأن يأخذ صفة الاستقلالية والجدية في وضع استراتيجية التنمية الصحية، انطلاقاً من أن الصحة والتعليم هما عمادا التنمية الشاملة في البلاد، على أن تشمل مسؤولية هذا المجلس النهوض بالعلاج في الداخل قبل العلاج في الخارج ويحقق التأمين الصحي الذي ماطلت فيه الحكومة بما يكفي، ثم يضع لهذا النهوض الصحي المنشود الميزانية التي يحتاجها على ضوء المعايير الموضوعة من قبل منظمة الصحة العالمية.فميزانية 220 مليون دينار لا تساوي شيئاً في دولة سكانها مليون و300 ألف نصفهم من العمالة الأجنبية المسببة (أغلبها) للتلوث والأمراض.