انتهينا من قصة خطاب النواب الـ33 بشأن مخالفات الرقابة المالية، مع بيان ما حصل، وتوضيح الأمانة العامة بالمجلس ورأي النواب أصحاب الطلب وموقفهم الطيب الذي يشكرون عليه.الآن ندخل فصلاً أكثر جدية وحسماً مما سبقه بشأن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، إذ بالأمس استلمت النيابة العامة التقرير محالاً من مجلس النواب لبدء التحقيقات بشأن المخالفات المعنية.هذه الخطوة قد تكون الأولى من نوعها، ولا أعني تعامل النيابة مع مخالفات تقرير ديوان الرقابة، بل أعني إحالة المخالفات للنيابة من قبل مجلس النواب، إذ لعلكم تذكرون أن الحكومة سبقت النواب في عملية التعامل مع المخالفات من خلال اللجنة الوزارية التي أحالت في العام الماضي عدداً من الحالات للنيابة العامة وصدرت بحقها أحكام، ومازالت اللجنة تواصل عملها في هذا الصدد، وهي مسألة تبعث مزيداً من الارتياح.الآن الكرة كما يقال في ملعب النيابة العامة، ويأتي تصريح المحامي العام الأول عبدالرحمن السيد بالأمس ليوضح الإجراءات القانونية التي يجب أن تمضي وفقها النيابة في عمليات التحقيق ودراسة الحالات وإثبات الجرم إن وقع بالدلائل والشواهد المادية.وهنا قد يرى البعض أن إجراءات النيابة طويلة ومعقدة وتبحث في أدق التفاصيل مما قد يجعل إعلان النتائج وتقرير مصير القضايا المرفوعة يأخذ وقتاً ليس بالقليل، لكن التبرير مقبول ومنطقي، إذ مثل هذه القضايا قد تفضي إلى نتائج مؤثرة، قد تؤدي إلى محاكمات تصدر عنها أحكام مقرة في القانون البحريني مرتبطة بالتعدي على المال العام، وعليه فإن التأكد والحرص من سلامة القضايا أمر مطلوب حتى لا يوقع أي ظلم على أي بريء، وأن نضمن بأن العقاب يطال المتهم الذي قام بالفعل بإصرار وترصد.دعوا هذه الإجراءات جانباً الآن، ولنقل ما هو مهم، إذ وصولنا لهذه النقطة من التعاطي مع تقرير ديوان الرقابة، وبروز اهتمام لافت وواضح من قبل النواب معني بالقيام «أخيراً» بدورهم المطلوب إزاء التقارير لهي مسألة إيجابية وتبعث على الارتياح.الحق يقال اليوم، إن هذا المجلس يقدم نفسه على أنه مجلس مختلف عمن سبقه، هناك بالفعل مؤشرات بارزة على الجدية والرغبة في خدمة الوطن والمواطن، هناك مساع يمكن قياسها باتجاه الوصول لشرائح المجتمع ورصد ما لديها من ملاحظات وهموم ومؤرقات، وهناك محاولة واضحة لالتزام كثير من النواب بما وعدوا به الناس أثناء فترة الحملات الانتخابية.الآن النواب أدوا ما عليهم بشأن المخالفات، والكرة في ملعب النيابة، وهنا «أعط الخبار خبره» مع ثقتنا الكبيرة بأجهزتنا القضائية والجهات المعنية بتطبيق العدالة.فقط ما نأمله ونرجوه هو أن توضع النقاط على الحروف، وأن توفى الحقوق، وأن يأخذ من يستهتر بأمانة هذا الوطن جزاءه، وأن يحاسب من تلاعب بالمال العام، وأن نقدم الحراك التشريعي والتنفيذي وحتى القضائي عبر السلطات الثلاث بشكله المثالي، على أنه هو صمام أمان هذا البلد، وأنه قوة الردع الأولى لكل من تسول له نفسه التلاعب بالمال العام وإيقاع الضرر على الوطن وأهله.هذه خطوات إيجابية تستحق الإعجاب، وهو ما يستجلبه بالضرورة قيام كل طرف بواجباته ودوره والتزاماته تجاه هذا الوطن.