لا نقول لكم مرروا الميزانية بعجالة وتهور وبأسلوب «سلق البيض» لكن ناقشوها بعناية واطرحوا مرئياتكم ومطالباتكم بعقلانية وبسقف معقول بأمل أن يكون تعاطي الحكومة في اتجاه إيجابي أيضاًالأسبوع المقبل، ستحول الحكومة ميزانية عامي 2015 و2016 إلى مجلس النواب، في بدايات شهر مايو، أي أن الموازنة قدمت متأخرة أكثر من ستة شهور بحسب ما ينص عليه الدستور. ورغم ذلك، فإن المسوغات قد يتم تفهمها لانعقاد الانتخابات النيابية أواخر العام الماضي ثم مناقشة برنامج عمل الحكومة وبعده تقرير ديوان الرقابة. يصعب القول هنا بأنه كانت هناك حالة مقصودة من إهدار الوقت، إذ المتتبع عن كثب للساحة سيدرك أننا عشنا طوال الشهور الماضية حراكاً مكثفاً مستمراً على صعيد كافة السلطات وأن هناك الكثير مما تحقق، وهناك إيجابيات سجلت يشكر عليها من سعى لها. كنا نتوقع أن يطول السجال بشأن برنامج عمل الحكومة، وأن يكون هناك تجاذب طويل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يعطل ما بعده من ملفات هامة، لكن الحق يقال بأن التعامل المسؤول كان واضحاً من قبل أعضاء السلطة التشريعية، وقبل ذلك لا ينسى أبداً الدور المهم والحيوي الذي اضطلع به صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حفظه الله في ضمان سير العملية بسلاسة والتشديد على تعاون مسؤولي الدولة. أسلوب التعامل مع ملف برنامج الحكومة يمكن اعتباره نموذجاً طيباً على تعاون السلطتين، وأن كافة العقبات يمكن أن تتذلل وتزول الإشكاليات طالما توجد اجتماعات مكثفة بين الجانبين تسهم في تقريب وجهات النظر وتتميز بالمرونة في الأخذ والرد وعدم تصلب المواقف، طالما أن المسألة تتعلق بمصلحة الوطن والمواطن. هذا النمط الإيجابي يستوجب الحفاظ عليه في أي ملف قادم، بحيث يكون تغليب المصلحة العليا للبلد وأهله على أي شيء آخر، والأهم على مواقف أي طرف، لأن أسهل ممارسة تتم هي تلك المتصلبة والمتشددة والتي لا تفضي لنتيجة سوى الفشل ولا شيء آخر. ما نعنيه هو مثال إيجابي على الحوار المتمدن المتحضر والذي فيه تسعى الأطراف إلى الحلول والقضاء على أية إشكاليات وأن يكون هناك هدف مشترك تسعى إليه. نقول ما نقوله هنا فقط للتنبيه بضرورة عدم كسر هذا الأسلوب المتبع في تعاون السلطتين بالأخص في ملف الميزانية العامة، إذ هذا الملف بحد ذاته دائماً ما يأخذ حيزاً طويلاً من الوقت ما يترتب عليه تعطيل كثير من المشاريع الداخلة في حراك الدولة. للنواب بالتأكيد ملاحظاتهم التي يجب أن تكون محل تقدير واهتمام من قبل الحكومة، خاصة وأن كثيراً منها إن لم يكن أغلبها نابع من مطالبات المواطن وطموحاته. لا نقول لكم مرروا الميزانية بعجالة وتهور وبأسلوب «سلق البيض»، لكن ناقشوها بعناية واطرحوا مرئياتكم ومطالباتكم بعقلانية وبسقف معقول، بأمل أن يكون تعاطي الحكومة في اتجاه إيجابي أيضاً، ما يعني استثماراً أمثل للوقت المستنفد للنقاش والتفاهم لا استنفاده في الشد والجذب أو المساومات، إذ في النهاية المتضرر هو المواطن وحده.
Opinion
أخيراً.. جاءت الميزانية!
28 أبريل 2015