كتبت إحدى الزميلات البحرينيات المغتربات مقالاً في جريدة الشروق تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي في البحرين بعنوان «لكم برلمانيوكم ولنا برلمانيونا» قارنت فيه بين البرلمانيين العرب والبرلمانيين القادمين من الدول الديمقراطية بصورة مبتسرة وبنبرة متعالية فقالت:«صدق بعضهم أنهم وهم يجلسون في تلك القاعات أو حتى في مدن الكون الممتدة، صدقوا أنهم يتساوون «بزملائهم» القادمين من برلمانات الدول الديمقراطية. متساوون لمجرد أن الجميع يجلس في نفس القاعة وعلى نفس المقاعد وأمامهم يافطة تحمل اسم بلادهم التي دخلت مشوار الديمقراطية متدثرة بعباءات متنوعة من القبيلة إلى الولاء أو حتى لمجرد أنه أو أنها يجالسون علية القوم وكبارهم أو نتيجة لرضاء البعض عنهم أو رغبته في تحويل أحد أكثر رموز المشاركة والمحاسبة والرقابة وأكثر السلطات أهمية، يحولون كل ذلك إلى مجرد شكل من أشكال الولاءات المقيتة ومركز لنشر التخلف القادم عبر صناديق الاقتراع ربما ليشوه تلك التي تدعى ديمقراطية ومشاركة أو ربما حتى يردد البعض ما أحلى الديكتاتوريات التاريخية.. أو ربما لتجميل صورة هي أصلاً شديدة القبح!!».وبغض النظر عن ضمير «لنا» هنا الذي صنفت فيه الكاتبة البحرينية العزيزة نفسها ضمن الدول المتقدمة غير العربية إلا أن الموضوع الأساسي الذي نحن بصدده هو الإجحاف في المقارنة، أما انتماء الكاتبة العزيزة فلنتصور تسليماً بالجدل أن كاتبة المقال غير بحرينية وأنها تنتمي إلى دولة أوروبية ما عريقة ديمقراطياً وأنها تقارن بين برلمانيين متخلفين عرب لا تنتمي لهم وبرلمانيي دولتها المتقدمة المتحضرة العريقة ديمقراطياً.. لا بأس.. كما تريد.نعم نحن متخلفون ديمقراطياً وبدائيون برلمانياً ونحبو في هذا العالم المستجد، ولنتكلم عن «برلمانيينا البحرينيين» تحديداً، فاثنا عشر عاماً من نتائج أي تجربة لا يمكن أن تقاس بنتائج لتجارب زاد عمرها عن المائة والعشرين عاماً، أي عشرة أضعافها وتوالد عشرة أجيال منها، كما أنه لا حاجة للتذكير ببدايات «تجاربكم» العريقة وكيف كانت متخلفة هي الأخرى حيث لم يكن يشارك في الترشيح «لبرلماناتكم» آن ذاك إلا «الأشراف» و«النبلاء» ولا يحق للمزارعين والعبيد الترشيح ولا حتى الانتخاب وبالطبع لا مكان للمرأة بين هؤلاء، ولا حاجة للتذكير بماهية ولاء «برلمانييكم» للملكيات الأوروبية في بدايات تلك التجارب وكيف كان الانحناء واجباً حتمياً دونه قطع الرقاب أمام تلك الملكيات.كما أننا لن نجادل زميلتنا العزيزة في أداء «برلمانيينا» الضعيف في اللقاءات البرلمانية الدولية مقارنة «ببرلمانييها» القوي»، فالإنكار والكذب خيبة، نعم نحن متخلفون وعوامل كثيرة أدت إلى ضعف الأداء ليست حداثة التجربة إلا أحدها إنما أهمها هو تخلي اليسار الذي تنتمي له زميلتنا العزيزة عن دوره في ريادة مجتمعه وتخليه عن ريادة العمل البرلماني بالتالي ليحرق برلمانيونا المراحل ويصلوا إلى مستوى برلمانييكم. ففي الوقت الذي آمنت فيه «الملكيات الرجعية المتخلفة» بالمرأة وحقوقها وإمكانياتها ودفعت بها إلى خوض التجربة الانتخابية والفوز بمقاعد برلمانية -ولو من أجل أن تحسن صورة الملكيات المتخلفة دولياً- إلا أن تلك الدفعة حتماً ستساهم في تشجيع الأخريات للتقدم لخوض هذه التجربة، تماماً مثلما دفعت «الملكيات الرجعية المتخلفة» وسعت واستماتت من أجل أن تولي سعادتكم هذا المنصب الأممي الرفيع الذي تنعمون به إيماناً منها بالمرأة البحرينية وحقوقها ومكانتها وقدرتها، في هذا الوقت بالذات وبدلاً من مساعدة مجتمعاتنا حديثة العهد بالديمقراطية في الارتقاء بأدائها البرلماني، زاد «اليسار» الطين بلة فوجدناه يختار طوعاً أن يكون تابعاً وذيلاً لمرجعيات ثيوقراطية تشدنا جميعاً للوراء، تنازل في تلك التبعية عن موقع الريادة وقبل بالتخلف موقعاً عله يلحق بفتات المقاعد الانتخابية في برلمانات خائبة صورية كما تدعون فباع من أجل ذلك تاريخاً ونضالاً لأجيال دفعت أرواحاً ثمناً له، ومع هذه التضحية الجسيمة إلا أن تلك الثيوقراطيات لفظته كما لفظت غيره من الإمعات التي قبلت بالتبعية، فكيف نرجو الارتقاء ببرلمانيينا طالما كان يساركم المتنور المتقدم هذا مساره؟كنا نتمنى أن تساهم زميلتنا العزيزة وهي التي تتولى منصباً أممياً كبيراً تم بسعي حثيث من المجلس الأعلى للمرأة في دولتنا «المتخلفة»، كنا نتمنى أن تساهم هي وخط اليسار الذي تنتمي له في الاستفادة من تجربتها التي اكتسبتها في هذا الموقع في وضع استراتيجية أو وضع تصور أو وضع رؤية في كيفية تطوير أداء برلمانيينا المتخلفين حتى ينالوا الإعجاب ويتساووا مع برلمانييها فذلك أدعى أن نهتم به وربما قد يساعدهم في حرق المراحل وحتى يصلوا بسرعة البرق إلى مستوى أداء برلمانييكم، كما أتمنى ألا تنسي عزيزتي أن تتضمن الرؤية أو التصور أو الاستراتيجية التي ستضعينها فصلاً في كيفية الارتقاء بأداء القوى السياسية التي سترفد يوماً ما برلماناتنا، ودمتم سالمين.