لماذا المنظمات الأجنبية الحقوقية والإنسانية والعمالية والطبية والصحافية تحط أنظارها وتصب تقاريرها فقط في البحرين، دون غيرها من الدول التي فيها تسفك حكوماتها أرواح شعوبها بالملايين وتنزل عليهم أطناناً من البراميل المتفجرة كما في سوريا، وتقصفها بدبابات وصواريخ كما تفعل الحكومة العراقية في المناطق السنية مثل الأنبار والموصل والفلوجة، وما تفعله الحكومة الإيرانية في شعب الأحواز حيث تعلقهم على أشواك الرافعات وتعدمهم، كما تعذبهم وتسل ماء عيونهم، وما يحدث للروهينغيا في بورما، والاعتقالات بمئات الآلاف من أطفال ونساء ورجال في سجون العراق وسوريا وإيران، جثث ترمى في مكبات القمامات وفي الأنهار، دون أن يكلف بان كي مون أو خوان منديز بأن يلقيا عليهم نظرة أو يديرا لهم بال.فقط في البحرين تنشط هذه المنظمات ولا ندري هل من أسباب؟ أو هل أنه من طيب الإقامة وحسن الضيافة من المسؤولين الذين يتنقلون بهم مع بعض النواب من مكان إلى مكان حتى يصلوا بهم إلى المطار؟ وأظن ربما بأن ذلك من الأسباب التي تشجع هذه المنظمات على الاستمرار في نقدها وتدخلها في شأن البحرين، وكأن البحرين تحت وصاية، وأي وصاية؟ إنها وصاية منظمات أشخاصها لا يملكون مقرات بل يتم استئجارهم من هنا وهناك، فتصوروا دولة ذات سيادة عربية تبتزها منظمات!!ونضرب هنا المثل ببعض الدول التي تنتفض لسيادتها، فلا يهمها مفوض ولا مندوب ولا مراسل صحافي، ومنها الحكومة الفنزويلية التي قامت بإلغاء البطاقات الصحافية لمراسلي محطة «سي إن إن» الأمريكية، عقب انتقاد الرئيس نيكولاس مادورو، ولما تبثه القناة من مواد حول المظاهرات المناهضة للإدارة في البلاد، والتي قال الرئيس الفنزويلي إنها «جزء من حملة الإطاحة بحكومته»، كما قامت باكستان بطرد موظفين أجانب في منظمة «أنقذوا الأطفال»، عندما عرفت أنهم «على صلة بحملة تلقيح وهمية»، والسودان هي الأخرى، قامت بطرد مسؤولتين في «المنظمة الدولية للهجرة» تعملان في دارفور، وذلك لقيامهما «بنشاط يضر الأمن القومي السوداني».وكل الدول -ولا دولة ولا حتى دويلة- لم نسمع أو نقرأ عنها أنها تسمح بتدخل أشخاص باسم منظمات أجنبية، فبالله عليكم أين السيادة والاستقلال، وأين العزة والمنعة، وأين الغيرة على الدولة التي أصبحت مستباحة من ثلة مجرمين وعصابات إيرانية تهدد الدولة تارة بمنظمات وتارة بأشخاص؟ وكل هذا يحدث بموافقة الدولة وتحت رعايتها، وذلك عندما تسمح بدخول هذه المنظمات وتجتمع بممثليها وبمندوبيها، كل هذا يحصل ومنذ زمن يحصل، وإلى متى سيحصل؟ كلها أسئلة لا نعرف لها جواباً، كما لا يمكننا أن نواصل الصمت، ولا أن نكبت مشاعرنا تجاه تلك الشخصيات التي في كل يوم تخرج علينا بتقارير وإملاءات لشروط، كما يقوم الإعلام الانقلابي بالترويج لها ودعمها ومرافقتها، فهل هذا معقول يا دولة؟لا يمكن أن يكون معقولاً ولا مقبولاً، وخاصة بعد أن نهضت الأمة النهضة المباركة عندما أعلنت انطلاق «عاصفة الحزم» التي كان فيها تحدي دول كبرى ذات ترسانات أسلحة نووية وذرية، وطائرات وبوارج وعساكر، ولكن عندما قررت المملكة العربية السعودية «الحزم»، وضعت كل هذه الدول برؤسائها وعتادها في سلة المهملات ورمتهم في البحر دون أن تكترث لعواقب، ولم تحسب لنتائج، لأن الكرامة والعزة والسيادة ثمنها غال يعادله البذل بالنفس ولا العيش المكدر تحت وطأة ابتزاز وتهديد أراذل و»جناكل»، فمن هي هذه الدول التي يمكن أن تخيفنا؟ والله ولا دولة، والله الواحد القهار ولينا، فكيف بمنظمات وأشخاص لا نعلم من أمهم وأبوهم ولا من أين جاؤوا؟ فإذا بهم يشترطون ويهددون، فوالله لن تكون هناك سيادة، ولن يكون هناك أمن واستقرار طالما الدولة سمحت بدخول هذه المنظمات، واستقبلت وفودها، أو أدارت لها «بالاً» على تقاريرها، أو «تعنت» إليهم إلى مجلس جنيف وحنيف، وأرسلت الوفود بتقارير وتصاوير تبرر وتعلل، فكيف بعدها لا يظهر علينا بان كي مون ومنديز.اليوم شعور الاعتزاز يلبسه الشعب العربي من رأسه حتى قدميه، ولا يرضى بعد هذه النهضة المباركة أن يرى دولته مازالت تداهن وتجامل منظمات وجمعيات ودولاً، فالحزم بات ضرورياً وملحاً، وعلى الدولة أن تتبناه وأن يكون عنوانها بالخط العريض وبكافة اللغات ألا مكان لمنظمة أياً كانت ومهما كانت بأن تدخل البحرين، فدخول حروب أهون وأسهل على النفس من القبول بالابتزاز والانبطاح، وها هي «عاصفة الحزم» أثبتت أن شعوب الخليج بطبيعتها تعشق العزة وتهيم بالشجاعة وأجمل أمنياتها الفداء في سبيل الله والوطن، شعوب الخليج لم ينبض لها قلب بسبب خوف من رد فعل عسكري قد تقوم به إيران أو حلفاؤها، بل كانت بشارة تباشروها بينهم، لم يصدقوا بأن النهضة المباركة لها هذا القدر الكبير من الفرحة والسرور، فوالله لم يبت أحد منا في البحرين ولا في دول الخليج تحت هاجس وولولة، بل إن الجميع نام هانئاً مطمئن النفس، إنه الشعور بالشجاعة والثبات والحزم في مواجهة العدو، وما هذه المنظمات إلا عدو مسلط يجب على الدولة أن تضع حداً له.
Opinion
لماذا تنشط المنظمات الحقوقية في البحرين فقط؟
30 أبريل 2015