الصورة الضوئية لثورة سوريا، باتت صورة مستنسخة وتتطابق ومخرجاتها مع ما يحدث في اليمن، فها هي رياح عاصفة الحزم تنتقل من ركن لآخر لتخلخل مفاصل إيران وتحرر عواصم من بين قبضتها.وها هي معركة تحرير العاصمة الثانية «دمشق» وسقوط الأسد تقترب، فقواته خسرت مركز مدينة إدلب، ولم تتمكن على الرغم من الجهود الحثيثة حتى من الاستيلاء على الأرياف الشمالية والشرقية المتاخمة لدمشق، وواجهت الفشل أيضاً في حلب ودرعا، مما اضطر الأسد لأن يعفي اثنين من رؤساء مخابرات النظام الأربعة؛ وهما رئيس جهاز الأمن السياسي اللواء رستم غزالي ومدير شعبة الأمن العسكري اللواء رفيق شحادة.طبعاً، الكل يذكر كيف أن بشار الأسد خرج علينا «مفتول العضلات، مشمئز الفلنكاتي» وهو يطنطن قبل «عاصفة الحزم» بأيام قليلة، ويعلن ومعه «حسن زميرة» أن قواته ذاهبة إلى حلب لتخوض المعركة الأخيرة، وأن كل شيء أصبح منتهياً، وأن الأمور قد عادت إلى نصابها!!لكن ما الذي حدث؟تحديداً ما حدث هو أن «عاصفة الحزم» أثبتت أنها ليست مجرد عملية عسكرية تستهدف تحالف الحوثيين مع علي عبدالله صالح للحفاظ على الشرعية اليمنية، بل إن رياحها تعبر دولاً لتصل لسوريا، لتحيي أمة ماتت أو قاربت على الموت وتعيد الثقة للشعوب العربية بنفسها.للمرة المائة، لابد أن نسأل أنفسنا: ماذا حققت عاصفة الحزم؟هذه المرة تأتي الإجابة ليست مني بل من قيادي في الجيش السوري الحر، العميد أسعد عوض الزعبي إذ قال: «عاصفة الحزم ألقت بظلال جميلة جداً على الشعب السوري والقضية السورية، وارتفعت معنويات المقاتلين، وشعرنا بأننا عرب، ولنا كرامة لن تستباح بعد اليوم، وأثرت في الوقت نفسه على معنويات النظام والميليشيات الإيرانية بشكل خاص؛ لأنها تعطي مؤشراً كبيراً بأنه لا يمكن لإيران أن يكون لها أي «وجود» بعد الآن في المناطق العربية، ونتمنى أن تنتقل إلى دمشق لأننا بحاجة ماسة إلى هذه العاصفة».لكن هذه الإجابة تبقى ناقصة وعرجاء، لأنها تحبس معلومة مهمة عنك عزيزي القارئ، وهي السبب الذي دفع إيران للتخلي عن حليفها بشار الأسد؟طهران باتت تستشعر أن هزيمتها أمام المملكة السعودية للمرة الثانية من بعد اليمن، ستكون في سوريا، والإحصائيات الأخيرة التي كشفت تؤكد ما نذهب إليه، فقد بلغ عدد قتلى وجرحى الجيش السوري إلى ما بين 80000-100000 جندي في سنوات الحرب الأربع، وذلك بخلاف القتلي في صفوف عشرات الألوف من المرتزقة الذين جلبتهم إيران من الحرس الثوري وحزب الله ومن العراق وأفغانستان، وهو ما يعني تعرض نظام بشار لضربة قوية في سياق البعد البشري والمعنوي، وأن موقفه يزداد صعوبة يوماً بعد يوم مع انقلاب ميزان الحرب ضده!!علامتا التعجب اللتان تزينان نهاية الفقرة السابقة ليس القصد منهما التعبير عن الدهشة بل تبينان مقدار الخسارة والضربة الموجعة والمكلفة والتي وقعت على رأس ولي الفقيه، فقد كشفت صحيفة «كريستيان ساينس مونتيتور» الأمريكية أن مجموع ما أنفقته إيران على نظام بشار طوال السنوات الأربع بلغ 35 مليار دولار!!أما المقابل، فهو ما كشف عنه الصحافي الأردني «ناهض حتر» المقرب من بشار الأسد إذ كتب مقالاً تحت عنوان «سوريا.. لا تتركوا الحصان وحيداً»، نشرته له صحيفة «الأخبار» اللبنانية، إيرانية الولاء والتمويل والتابعة لـ»حزب الله» وكتب فيه: «أن النظام الإيراني، أدار ظهره للرئيس السوري، وأن ديون وقروض إيران الممنوحة لدمشق، رهن الأسد وزارات ومؤسسات الدولة السورية ومبانيها وعقاراتها مقابل الدين لصالح طهران وأن الدعم العسكري والاقتصادي الإيراني، للسوريين، تم بشروط تجارية»، معتبراً أن طبيعة المفاجأة السياسية في سلوك طهران نحو دمشق الجديد والطارئ: «درس جديد على الوطنيين العرب أن يتعلموه».لا أتصور أن هذا الكلام يصعب فهمه أو يحتاج إلى تفصيل وشرح بقدر ما يحتاج إلى عقول تستوعب، لذا، ألم يحن الوقت للمارقين والأجورين، ماسخي جوخ ولي الفقيه ومدمني العمالة أن يعودوا لعقولهم -إن وجدت- والاعتراف بخطأ مسارهم، ويتيقنوا أن ملالي طهران لا تبقي على أحد إلا مصلحته وأنهم مجرد منديل «كلينكس» كما الأسد، يستخدم للتنظيف ثم يرمى به.