تعرفت طهران على التحالف العربي-الخليجي بقيادة السعودية حين بدأت «عاصفة الحزم»، فسموها في قناة العالم الإيرانية «العدوان السعودي» للتقليل من صفة الحلف؛ بل تجاسروا على تسمية الحوثيين «الجيش اليمني»، أما القيادي الحوثي محمد البخيتي فسماها «العدوان على اليمن»، ووصفها بـ»حرب ظالمة»، فدعمه المخلوع علي صالح معتبراً الضربات الجوية «عدواناً سافراً». وفيما «عاصفة الحزم» تعاود تعريف نفسها وتهب مجدداً تحت مسمى «إعادة الأمل»، وهو امتداد للزمن العسكري للأزمة، وهو زمن فرضه تعنت الحوثة وصالح رغم ضمور الروح الرفاقية بينهم. رغم ذلك يشد انتباهنا كيف انهارت الذريعة الرسمية الإيرانية بعدم التدخل في شؤون اليمن، فقد أصر الطيار الإيراني بهزاد صداقت أن يحلق فوق «أوزار» بلده عصر يوم 28 أبريل 2015 ليوصل رسالة طهران التضامنية للحوثة لولا اعتراض المقاتلات الخليجية له وتدمير مدرج الهبوط وفراره عائداً لبلده.ولم تكن تلك هي المحاولة الوحيدة ولا الاعتراض الناجح الأول؛ فقد منعت مقاتلات التحالف العربي طائرتين إيرانيتين قبله، مما يفرض حقيقتين؛ الأولى أن إيران منخرطة رسمياً بالأزمة ولو ادعت غير ذلك، والثانية أن العمليات العسكرية يجب أن تستمر لتصبح عودة الشرعية اليمنية أقل سقف للتفاوض، فردة الفعل الإيرانية الحقيقية على عاصفة الحزم قد بدأت للتو، وستحاول إيران استثمار حرب اليمن لتفكيك تحالفات إقليمية وإعادة تركيبها لصالحها أكثر من رغبتها في حقن دماء اليمنيين.ويمكننا استشراف بعض التحركات الإيرانية التي ستقتحم المشهد اليمني في الأيام القادمة..- ستستمر طهران في خلق عدم الاستقرار بالمنطقة، فاختطاف السفينة الأمريكية بدعوى دخولها المياه الإقليمية جزء من المزاج التعبوي الذي تريد أن يرتفع دخانه، ومثل ذلك محاولة دخولها بالسفن بحر العرب وخليج عدن؛ بل وباب المندب وبالطائرات المدنية لكسر الأمن الجوي الذي يفرضه التحالف، لتقحم نفسها وليصبح لها يد في موضوع اليمن بصبغة دولية، ولن تحتاج لمعونة روسيا والصين لتسهيل خلق مثل هذا الدور، فقد طلبت واشنطن في 27 أبريل 2014 مساعدة إيران لجعل الأطراف المتحاربة تشارك في محادثات تسوية سياسية، فتلقفت طهران الدعوة وستحاول تدويل الأزمة لكن خارج مظلة البند السابع.- في تقديرنا أن طهران ستعود لتتبع مسارات ضيقة الأفق كعادتها في التقرب من الأزمات، وسيفرد قاسم سليماني خريطته الفئوية التي يحملها ليقوم بتحريك من يرتبط معهم بولاءات بدائية كتأجيج الأقليات والمعارضين وشذاذ الآفاق من الجماعات المارقة.- كما سوف تحاول طهران رفع الكلفة على دول التحالف بتدمير كل من يساند الشرعية أو أي شيء يرمز لها، فإذا لم يكن للحوثة وقوات صالح قِبلٌ بالوقوف في وجه التحالف فإن بإمكانهم الفتك بمن يساند الشرعية وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم والتضييق على الناشطين منهم لدفعهم لحالة اليأس أو الرحيل أو تصوير دول التحالف العربي بصورة العاجز عن نصرتهم على الأرض.- بالعجمي الفصيح..لأن لديها نظرية أمنية واضحة وذات مبادئ مترابطة تشكل كلاً متكاملاً، يصبح من الصعب تصور تراجع طهران في اليمن، يدفعها لذلك إيمانها بضرورة إدامة التماس، والقناعة أن الابتعاد عن الغريم الخليجي هو أخطر من البعد عن الصديق الحوثي، حيث لن تتوقف عن الحلم بالتغلغل في اليمن من وادي حجر جنوباً إلى جبال صعدة شمالاً، فكم من حالم يحقق حلمه وكم من حالم لا يستحق حتى حلمه!
Opinion
الهجوم الإيراني المعاكس
06 مايو 2015