السؤال المهم الذي يفرض نفسه مع انعقاد القمة الخليجية الأمريكية في منتجع كامب ديفيد وفي البيت الأبيض، الأربعاء المقبل، هل ينجح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تبديد مخاوف دول الخليج من الاتفاق النووي مع طهران؟لقد دفع مسار مفاوضات «النووي» دول الخليج العربي إلى إعادة النظر في حسابات توازن المصالح في المنطقة، باعتبار ألا صداقة دائمة في معترك السياسة، وكان ذلك سبباً رئيساً لعقد القمة المرتقبة.وعلى الرغم من عمق العلاقات المشتركة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، فإن «كامب ديفيد» تمثل رهاناً مهماً لمستقبل هذه العلاقة وما يمكن أن تفرزه خلال المرحلة المقبلة، وتأثير ذلك على التوجهات الاستراتيجية الجديدة التي دشنتها عدد من التطورات المهمة خلال الفترة الماضية.لقد شهدت المنطقة تطورات مهمة جداً ربما تضع مؤشرات لما سيكون عليه حال العلاقات الخليجية الأمريكية مستقبلاً، ولاشك أنها ستؤثر في مسار القمة المرتقبة، وأولها «عاصفة الحزم» لما تمثلته ضمن مفهوم «ما حك جلدك مثل ظفرك»، وأن دول المنطقة لن تضع يدها على خدها في انتظار «السيد سام» ليحلحل لها مشكلاتها، فهي أقدر على ذلك، خاصة إذا كان له دور خفي في تلك المشكلات، وما أظهرته من قدرة سعودية على جذب تحالف عربي إسلامي يمكن أن يلعب دوراً إقليمياً في المنطقة ويعيد حسابات التوازن فيها.المؤشر الثاني هو التقارب الخليجي الفرنسي اللافت، الذي يأتي مقابل التقارب الأمريكي الإيراني، وما يمكن أن يمثله من ضربة قوية لإيران، وقد ظهر تأثير ذلك على طهران مباشرة من خلال تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني التي ندد فيها بالبلدان الغربية التي «تفخر» بعقود التسليح في الشرق الأوسط، من دون أن يذكر فرنسا التي وقعت عقداً مع قطر لبيعها طائرات مقاتلة، ما اعتبره مراقبون خوفاً إيرانياً واضحاً بعد أن أخذت طهران بفقدان نفوذها الإقليمي وتتالت هزائمها في المنطقة، وفقاً لما ذكرته «ميدل إيست أون لاين».سياسة فرنسا المتشددة خلال مفاوضات النووي، ومطالبتها بأن يتضمن الاتفاق إلزاماً لإيران بعدم إثارة الفتنة في محيطها الإقليمي، ووقوفها مع دول الخليج في حرب التحالف العربي من أجل الشرعية في اليمن، أعطت إشارة لدول المنطقة باعتبار باريس الأقرب لها، والأكثر شريكاً أمنياً يمكن الاعتماد عليه بعد واشنطن، وعززت ثقتها فيها، خاصة أن ثقة دول الخليج العربي أهم ضمانة لاستمرار أي شراكة أمنية مع الدول الكبرى، وقد اهتزت هذه الثقة تجاه واشنطن عندما رفض الرئيس باراك أوباما شن هجمات ضد النظام السوري برئاسة بشار الأسد في عام 2013.وعزز الرئيس أوباما هذا الفقدان للثقة خلال تصريحاته حول «السخط داخل بلدان الخليج»، وكان الأحرى به الاهتمام بسخط شباب أمريكا في مدينة بالتيمور، خاصة أنه مقبل على قمة تجمعه بقادة دول الخليج، الأمر الذي يتطلب جهداً لإعادة هذه الثقة على كافة المستويات.تشير الأخبار إلى العرض الأمريكي المرتقب بإقامة نظام دفاعي يشمل المنطقة بأكملها للوقاية من الصواريخ الإيرانية، كضمانة تبدد مخاوف الاتفاق النووي المقترح مع إيران، لكن سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى واشنطن يوسف العتيبة يقول «أعتقد إننا اليوم نحتاج شيئاً مكتوباً. نحتاج شيئاً ذا طابع مؤسسي»، لكن من المستبعد أن يستطيع أوباما إبرام اتفاق أمني مع دول الخليج، إذ يتطلب ذلك موافقة الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون.وتبعث مشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في القمة التشاورية لدول الخليج قبل أسبوع فقط من «كامب ديفيد» رسالة إلى الولايات المتحدة بأن دول الخليج قادرة على بناء تحالفات بعيداً عن واشنطن. ترى ما الذي تخبئه الأيام المقبلة من تطورات على المنطقة؟ ولصالح من سيكون رهان «كامب ديفيد؟».
Opinion
«كامب ديفيد» ورهان المرحلة المقبلة
10 مايو 2015