من الواضح أن قناعة واشنطن والتزامها بأمن الخليج يعني الالتزام بحمايتها من أي تهديدات إقليمية أودولية فقط، أما التهديدات الداخلية فهي لا تدخل ضمن القاموس الأمريكي لأمن الخليج العربي. صحيفة نيويورك تايمز نشرت مؤخراً بأن «أمريكا لن تدافع عن حكام الخليج ضد التهديدات الداخلية»، وهو مؤشر آخر يضاف إلى سلسلة من المؤشرات التي ترى فيها واشنطن أن تحالفها التاريخي مع دول الخليج يعني الالتزام بأمنها الإقليمي، وتجاهل تحدياتها وتهديداتها الداخلية. هذا الفهم الأمريكي المعلن لا يمكن أن يحقق تطمينات لدول مجلس التعاون وهي تشارك الآن في القمة الخليجية ـ الأمريكية التي دعا إليها الرئيس الأمريكي، لأن هذه الدول تنظر بقناعة إلى ارتباط الأوضاع الداخلية بالأوضاع الإقليمية، فحماية ودعم دول الخليج من التهديدات الإيرانية على سبيل المثال تعني حمايتها داخلياً من الجماعات الثيوقراطية المتطرفة الموالية لطهران والتي عملت خلال السنوات الأربع الأخيرة على إثارة عدم الاستقرار، وتنفيذ حملات من أعمال العنف السياسي والإرهاب راح ضحيته الآلاف كما هو الحال في البحرين.هناك تعريف أمريكي لأمن الخليج؛ وهو حماية المصالح الأمريكية وتشمل تأمين النفط بأسعار مناسبة، وضمان أمن إسرائيل. وبالتالي التزام البيت الأبيض بحماية دول مجلس التعاون يأتي في سياق تأمين النفط لا أكثر، وما عداه ليس مهماً. أما التعريف الخليجي لأمن الخليج؛ فهو حماية المنطقة من أي تهديدات داخلية وإقليمية ودولية. هذا هو الاختلاف في التعريف الذي يترتب عليه اختلاف حاد في السياسات المتبادلة، والمواقف تجاه العديد من القضايا الداخلية والإقليمية وحتى الدولية. في ضوء هذا الاختلاف فإنه من الصعوبة بمكان أن تعيد واشنطن الثقة السياسية التي كانت تنظر لها دول مجلس التعاون الخليجي قبل العام 2011 ما دام هناك تباين كبير في تعريف أمن الخليج وتعارض للمصالح. أيضاً نلاحظ أن تصورات واشنطن لتأكيد التزامها بأمن المنطقة يعتمد دائماً على التسليح أو زيادة التواجد العسكري، ولكنها لا تشمل حلولاً غير تقليدية، مثل إعادة تعريف المواقف السياسية تجاه قضايا إقليمية هامة تشمل سوريا واليمن، مثل هذه الحلول غير التقليدية قد تساهم في تقليص الفجوة بين الطرفين وإحداث حد أدنى من التقارب المشترك، ولكن لا يبدو أن تحولاً استراتيجياً أمريكياً تجاه الخليج العربي، بل السياسة السابقة مازالت مستمرة وحتى قراءات البيت الأبيض لدول المنطقة ستبقى كما هي، مما يعني أن الرئيس أوباما قد يستمر في ترك ملفات العلاقات الخليجية ـ الأمريكية مفتوحة إلى أن يحسمها من سيأتي بعده يوم 8 نوفمبر 2016.