يقولون البحرين ليس فيها حرية رأي، بينما الواقع يؤكد العكس تماماً؛ بدليل بعض الممارسات المستمرة تحت مسمى «حرية التعبير» كل هدفها تشويه صورة البحرين واتباع أسلوب «الغمز واللمز» المتعمد داخل السطور بهدف الإساءة حتى لرموز البلد.كل هذا والدولة وأجهزتها مازالت تتعامل بروح القانون ولا تطبقه على كثير من متعمدي الإساءة، وآخرها من يستثمرون عقد اجتماعات دولية رفيعة المستوى داخل المملكة، هي في أساسها إنجازات تضاف لرصيد البحرين على مختلف الأصعدة، فتراهم يتحولون لأشبه ما يكون «قطاع الطرق» بسعي لاقتحام هذه المؤتمرات وإثارة البلبلة والسعي للفت انتباه جموع الحاضرين، والهدف واضح وصريح يرتكز على تشويه صورة البحرين.آخر الأمور الغريبة هي عملية التباكي على تطبيق البحرين لقوانين تنظيم عمل الجمعيات باختلاف تصنيفاتها، سواء تلك التي تساءل عنها وزارة العدل أو وزارة التنمية، وللتوضيح ليس إلا؛ فإن البحرين تمارس حقها في تطبيق القانون، بل نطالبها بالتطبيق الصارم، حتى لا تتحول هذه الجمعيات لـ «أحصنة طروادة» تقدم نفسها بصورة الكيان صاحب الأهداف الإنسانية السامية، بينما المخفي (هو الهدف الأهم) يتمثل بأنها كيان يسعى بكل قوته لتشويه صورة البلد، والمفارقة أنه يستاء حينما تطبق الدولة القانون إن خالف، ويطالبها باستمرار الدعم المالي الموجه لها بل بزيادته.من يقول بأن البحرين تسعى لتقويض عمل الجمعيات ولتقويض العمل الأهلي، عليه أولاً أن يملك جرأة الحديث بصراحة ويحدد نوعية العمل الأهلي الذي تقوم به بعض الجمعيات، وكيف أنها -هذه الجمعيات- شغلها الشاغل أصلاً هو «تقويض الأمن المجتمعي» و«زعزعة استقرار البلد» و«بث الفرقة بين شرائحه المختلفة» والأخطر أن بعضها لديه أجندات خطيرة.الغريب هنا، بأن من يدعي أنه مع الحقوق وتطبيق القوانين، هو يدعو في نفس الوقت لتجاوز القوانين بل ضربها عرض الحائط. والمثير بأنه كلما جاء الحديث عن عملية ضبط مصادر تمويل هذه الجمعيات بالأخص تلك المعنية بالتحصل على دعم خارجي أو عطايا وغيرها، تعلو عقيرة بعضهم بالصراخ ويرون بأن الدولة تقوض عملهم وتقمع حرياتهم.عودوا بذاكرتكم لقانون الجمعيات قبل سنوات، حينما حاولت المعارضة عبر نوابها بأن «تسقط» القانون وتفرغه من مضمونه، بحيث تفتح الباب على مصراعيه لأي كان بأن يغذي ويمول الجمعيات بالأموال والتمويل. بالله عليكم أهناك دولة في العالم تقبل بهذا الشيء، بحيث تجعل هذه العملية «سايبة»، وتمنح من يريد التغلغل داخل البلد عبر بعض الجمعيات ذات الأجندات والولاءات الخارجية (المثبتة بالأقوال والأفعال) تمنحها الفرصة للإساءة للدولة هكذا وبغطاء قانوني؟!حينما تقوم وزارة التنمية بممارسة دورها في ضبط العملية المعنية بالتمويل وقبول المبالغ الخارجية، فهي إنما تطبق القوانين أولاً، وثانيا هي أصلاً تخدم هذه الجمعيات بمنع الشبهات عنها، ومنع انحراف بعضها بسبب تصرفات بعض أفرادها، خاصة ممن لديهم أدوار مشبوهة ووثقت عليهم سوابق في العمل على تشويه صورة البحرين. والأهم أن العملية المبنية على المرسوم الملكي الصادر بقانون رقم 21 لسنة 2013 بشأن جمع المال للأغراض العامة، لم «تمنع» جمع المال، بل «نظمته»، وهنا بيت القصيد.من يصرخ اليوم بسبب تطبيق القانون، يدرك تماما بأن التطبيق لا يقول بـ«المنع» بل بـ «التنظيم»، وهذا ما يعني بالبحريني «لا تبوق ولا تخاف»، أي أن من سيستاء من هذا الأمر، هو من أصلاً يمتلك نوايا غير سوية وغير طيبة بشأن عمل الجمعيات بأسلوب يناهض الدولة ويشوه صورتها ويسيء للأمن الوطني، وإلا لكان موقفه مغايراً، لكان داعماً للتنظيم، ولكان عمله «مكشوفاً» و«واضحاً»، لا داعي بأن يقاتل ويستميت من أجل أن تكون عملية التمويل وقبول التبرعات والدعم بلا تنظيم، بحيث يمكن لأي جمعية أن تستلم أي مبلغ من أي جهة في العالم بمعزل عن رقابة الدولة.هذا الأسلوب لا يهدف إلا لأمر واحد فقط، يهدف لتقوية هذه الكيانات بمعزل عن الدولة، وأن يوجد لها مثل الرعاة الرسميون من الخارج يمولونهم على الدوام، وطبعاً لا تمويل مجاني هنا لوجه الله لا بد من مقابل، وهو ما يحول هذه الكيانات وكأنهم دولة بداخل دولة. في البحرين تحصل حالات غريبة، مازالت مرتبطة بتداعيات الانقلاب الفاشل، هناك من كشف عن نواياه السيئة تجاه البلد، لكنه يطالب الدولة وينتقد أجهزتها إن لم «تمنحه المساحة الحرة» ليمارس إساءته، بل يلومها بكل «عين قوية» إن طبقت القانون.هنا نقول لأجهزة الدولة المعنية بضبط عمل الجمعيات، سواء وزارة العدل أو التنمية، الدول الغربية وحتى بعض دولنا الخليجية لا يهمها أي صراخ من قبل جمعيات خارجية أو عناصر مناهضة لنظام البلد، خاصة إن كان صراخها مطالباً للدولة بالتخلي عن حقها الأصيل بممارسة الرقابة وتطبيق القانون، وعليه فإن من لا يلتزم بالقانون لا بد من تطبيقه عليه بصرامة وبدون تردد.ما أضر البلد إلا تلك الجمعيات التي فيها أشخاص أساؤوا استخدام أدوات الانفتاح التي جاء بها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، فحرفوا عمل الجمعيات وحولوها لبؤر إساءة للبلد، بل وأساؤوا لشكل وسمعة الجمعيات الأخرى الملتزمة بالخط الوطني والقانون.والله مأساة، يريدون فتح خطوط التمويل لهم بمعزل عن رقابة الدولة، وهناك جهات خارجية «مبدعة» في تمويلها لمن يواليها في الفكر والأطماع، بل «مبدعة» في خلق الطوابير الخامسة، وبعدها حينما تطبق الدولة القانون يدعون أن الدولة تقوض هذا العمل! لماذا الخوف من الصراحة، صححها وقل بل لـ«تقويض العمل الإرهابي»، وفي هذا الشأن نوجه للدولة وأجهزتها مليون تحية، ويظل صراخ كارهي الوطن على قدر الألم.
Opinion
بل «الأصح».. تقويض العمل «الإرهابي»!
14 مايو 2015