المتابعون في دول مجلس التعاون لاجتماعات القمة الخليجية الأمريكية بكامب ديفيد التي عقدت الخميس بمشاركة قادة وممثلي الدول الخليجية والرئيس الأمريكي، وصدر عنه بيان ختامي، خرجوا بما لخصه أحدهم في هذه العبارة «كل ما ورد عن البيت الأبيض من كامب ديفيد إيجابي.. لكن الكلام شيء والالتزام العملي شيء آخر»، ما يعني أن دول التعاون تأمل ألا ترى من أفعال أمريكا ما يدعوها لتستعجب، فهي تريد من أفعالها أن تكون مثل كلامها الذي يعجب سامعه. من هنا فإن أمريكا اعتباراً من الآن ستكون على المحك، حيث المطلوب منها ألا تناقض أقوالها بأفعال تتسبب في فقدانها ثقة حلفائها، خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة والتي لا تخلو من استعراضات إيران لعضلاتها.دول التعاون تريد أن تكون أفعال الولايات المتحدة جميلة مثلما هي أقوالها، وتأمل أن ترى على أرض الواقع ما يؤكد أن اتفاقاً سرياً بين الموقعين على الاتفاق النووي لم يتم وأن ما قيل فوق الطاولة بكامب ديفيد لا يناقضه ما قد قيل في الغرف المغلقة التي جمعت بين إيران ودول 5+1 طوال الفترة السابقة.من حق دول التعاون أن تشكك فيما تم الاتفاق عليه فيما يخص الملف النووي، وبسبب أنها أوصلت هذا الهاجس إلى الإدارة الأمريكية فإنها تكون في حل من كل شيء لو تبين لها أن ملحقاً سرياً أضيف إلى الاتفاق المعلن، لأنها لا يمكن أن تقبل أن تكون ضحية لمصالح دولتين أو مجموعة دول.ما يهم دول التعاون أيضاً هو ألا يؤدي الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران إلى تسيد إيران على المنطقة وفرضها لظروف معينة، كما يهمها أيضاً ألا يتحول النووي الإيراني الذي يتم الترويج له على أنه سلمي إلى سلاح تهدد به إيران دول المنطقة صباحاً ومساء ويكون سبباً لابتزازها من قبل الدول الكبرى فتتجه إلى شراء أسلحة تملأ المخازن ولا تستفيد منها وتضطر إلى اعتبارها خردة بعد سنوات قليلة فتشتري غيرها.الولايات المتحدة تعهدت باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن دول الخليج العربي حال حدوث عدوان عليها، ولأن العدوان المتوقع دائماً هو من قبل إيران، لذا فإن الترجمة الشعبية لهذه العبارة هي أن الولايات المتحدة تعهدت باستخدام القوة العسكرية ضد إيران في حال اعتدت على دول التعاون. لكن ولأن إيران تعتمد منذ سنين استراتيجية الحرب بالوكالة، لذا فإن احتمال أن تعتدي على دول التعاون عسكرياً احتمال ضعيف جداً، لذا فإن الموضوع ينبغي ألا يكون بصيغة أخرى ملخصها أن على الولايات المتحدة أن تستخدم القوة العسكرية ضد إيران في حال ثبوت تورطها في عمليات زعزعة الأمن بدول المجلس بأي طريقة كانت، فليس من المعقول أن تقف الولايات المتحدة التي تعهدت في كامب ديفيد باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن دول الخليج في حال حدوث عدوان عسكري عليها فقط، لأن التجربة مع إيران أثبتت أن لديها ألف طريقة وطريقة للاعتداء على الآخرين من دون أن تطلق رصاصة واحدة، فهل يدخل هذا النوع من «السلوكيات» ضمن بند الاعتداء العسكري على دول التعاون؟ ليس تقليلاً من اتفاق كامب ديفيد الذي يبدو أن المشاركين فيه خرجوا منه مرتاحين ويأملون خيراً، ولكن ينبغي الدخول في التفاصيل كي تتمكن دول التعاون من معرفة الرد المناسب في الوقت المناسب عند حدوث محاولات لزعزعة الأمن في دول المجلس، فليس بالضرورة أن يكون الاعتداء عسكرياً، خصوصاً وأن صوراً منه تتوفر حالياً، منها على سبيل المثال لا الحصر الدعم الإعلامي الإيراني المبالغ فيه لكل من يرغب الإساءة إلى دول التعاون عامة وإلى البحرين والسعودية على وجه الخصوص