لست متفائلة كما أني لست متشائمة بالنسبة إلى نتائج قمة كامب ديفيد، إنما أنا في وضع انتظار وترقب لرؤية الأفعال على أرض الواقع فهي وحدها من سيترجم البيان الختامي لهذه القمة.التفاؤل والتشاؤم سيأتي حسب الإجابة على سؤال واحد ومهم؛ هل عدنا إلى وضع التبعية والرهان على التحالف الأمريكي الخليجي لحفظ أمن واستقرار دولنا ومحيطها الجغرافي؟ وهذا سيقودنا للتشاؤم، أم سنحتفظ باستقلاليتنا ونبني على مكتسبات عاصفة الحزم؟ وهذا ما سيدعو للتفاؤل.المتشائمون هم الذين ارتكزوا على بيان القمة وحده خاصة النسخة الإنجليزية كالدكتور عبدالله النفيسي، ومع احترامي لهم أعتقد أن قراءتهم ناقصة في هذه الحالة، وهم مخطئون إن لم يضعوا في اعتبارهم كل معطيات عاصفة الحزم. أما المتفائلون فقد اعتمدوا فقط على معطيات عاصفة الحزم التي ملكنا فيها قرارنا بأيدينا وباستقلالية، وهي مرة واحدة قد لا يعول عليها وحدها مقارنة بتاريخ من التبعية والاعتماد على الحلفاء، وهو تاريخ طويل أثر كثيراً في قدرتنا على الحراك المستقل. والواقع أن امتحان الاستقلالية هو الذي على المحك اليوم أكثر من أي وقت مضى وسيتبين من تعاملنا مع الملفات الساخنة من الآن فصاعداً وكلها تحتاج إلى تحديد موقف خليجي منها، أي تحديد موقف سياسي وموقف يترجم على الأرض.في الملف اليمني هل سيقبل التحالف بتمديد فترة الهدنة مع علمهم بتنصيب صواريخ سكود مقابل الحدود السعودية؟ مع الأخذ في الاعتبار أن كم الأسلحة ونوعيتها في اليمن لم تكن لأغراض دفاعية أبداً ولولا عاصفة الحزم لكان حزب الله اليمني قد تمركز وأحاط بالسعودية من جهة الشمال والجنوب، لذا فإن إعادة الأمل أو إعادة الشرعية هي جزء من مهام عاصفة الحزم، أما ما يهم دول الخليج بالدرجة الأولى فهو القضاء على ما تبقى من هذه الترسانة الإيرانية أولاً واصطيادها واحداً تلو الآخر حتى تأمن الحدود من مخاطرها والتأكد من أن (خدم إيران) لا يهيمنون على مواقع القرار اليمني في أي من المحافظات، دون أن يخل ذلك بالعمل على الملف السياسي والحل السياسي للأطراف المتنازعة وعودة الشرعية، لذا فإن رد الفعل على الأرض في الأيام القادمة هو الذي سيحدد لي نتائج كامب ديفيد وليس بيانها الختامي، وهو الذي سيحدد ما إذا كان القرار الخليجي سيحتاج إلى ضوء أخضر أمريكي أم سيجبر الضوء على ملاحقته والإقرار معه بالأمر الواقع.أما في الملف السوري فنحن بانتظار قرار دول مجلس التعاون في نوعية الدعم الذي سيقدمه للقوات السورية الشعبية، إن كان سيختار هو الفصائل التي سيدعمها أم سيترك القرار في يد الإدارة الأمريكية؟ سنرى مدى فاعلية التنسيق القطري التركي فيما يتعلق بالمناطق الآمنة، وهنا يمكن عمل الكثير بوجود التفاهم السعودي القطري غير المسبوق، تلك مواقع للقرار هي التي تحدد مصلحتنا بعيداً عن الاعتبارات الأمريكية. وكذا بالنسبة لحجم وطبيعة مشاركتنا في الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب، المهم في الأمر أن تحدد المصلحة الخليجية لا غيرها نوعية وطبيعة القرار الخليجي خاصة وقد ثبت تقاطعها مع المصلحة الأمريكية في العديد من الملفات، وثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية حليف لا يؤتمن وحليف غير مضمون.أما حكاية المنظومة الصاروخية التي يراد لنا أن نصدق أنها هي الحل لتهدئة هواجسنا تجاه إيران فتلك أضحوكة إن صدقناها فإن المتشائمين من البيان على حق.إذن، الأفعال في الأيام القادمة في هذه الملفات الساخنة وحدها ستترجم البيان الختامي ترجمة فعلية.