قبل أيام حدث أمر مثير، فتعليقاً على أحكام للإعدام صدرت في حق بعض المدانين في مصر قالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم التي أعربت عن أسفها لذلك إن «بعض الاختلافات يمكن تسويتها عن طريق الحوار بين التيارات والأحزاب السياسية والاجتماعية». ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عنها القول: «مكانة مصر عريقة. وبعض المشاكل والاختلافات يمكن معالجتها بالاتكاء على أهداف الثورة الشعبية في مصر». وقالت إن إصدار مثل هذه الأحكام «التي تشجع على سلوك استخدام العنف ونفي الآخرين ستمس بمكانة مصر ومصداقيتها، ونأمل بالتخلي عن اعتماد مثل هذه الآليات»!من يسمع هذا التعليق يعتقد أن إيران تحرم أحكام الإعدام وأن أي عملية إعدام لم تتم في هذا البلد المليء بالمتناقضات. واضح أنها لم تنتبه إلى أنه يتم في بلادها يومياً العديد من عمليات الإعدام كثير منها لأسباب لا تستوجب مثل هذه الأحكام، كما لم تنتبه إلى أن إهانة الإنسان المحكوم عليه بالإعدام في بلادها تصل إلى حد تعليقه في عوارض الإشارات الضوئية وإعدامه أمام المارة، وواضح أنها لم تنتبه إلى أن الإعدامات في بلادها ليست كلها لأسباب جنائية، وأن أغلبها تتم لأسباب سياسية، خصوصاً مع الأحوازيين والبلوش والأكراد ، ومع كل معارض لسياسة الملالي الذين لا يترددون في تبرير تلك الأحكام وإيجاد المقابل الموضوعي لها إسلامياً. تعليق مرضية أفخم ملخصه أن إعدامات مصر سياسية وسببها الاختلاف مع السلطة وأنه من غير المقبول أن تستخدم السلطة هناك هذه الأداة ضد من يختلف معها، وأن الحل الأفضل والمقبول دائماً هو الحوار مع الخصوم. وبسبب أنها لم تأت على ذكر إيران، لذا يفهم من تعليقها أنه «باستثناء إيران» فإنه لا يجوز الحكم بإعدام المعارضين ويجب التحاور معهم، وكأن إعدام المعارضين في إيران حلال وفي غيرها حرام، ومع هذا تردد إيران إنها لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى.صورة أخرى للتناقض الذي تعيشه السلطة في إيران هي أنها تعمل من «شمخ» يصاب به شخص في البحرين شارك في مظاهرة مخالفة للقانون والنظام قصة ورواية وفيلماً، وتوظف كل إعلامها المرئي والمسموع والمقروء وكل المحسوبين عليها من الذين جندتهم لمثل هذه الحالات لتوصل إلى العالم رسالة ملخصها أن البحرين تظلم أبناءها وأنها تتجاوز كل القيم والأعراف والإنسانية، بينما لا تسمح لأي وسيلة إعلامية لديها أو فرد مهما علا وكبر مقامه أن يعلق، مجرد تعليق، على إعدام ألف من المعارضين لها. مجرد تصور وجود فضائية عربية تنتقد إيران يكفي لجعلها تتوتر، لكنها سمحت لنفسها الإساءة إلى البحرين وإلى كل دولة لا تسير في خطها يومياً ففتحت المجال لكل من له خاطر ليسب ويشتم على هواه ويقول ما يحلو له من دون أي تحفظ عبر سوستها «العالم»، بل لعلها تكرم كل من يتطاول على البحرين ودول الخليج العربي. صور التناقض في السياسات الإيرانية كثيرة ومتعددة، لهذا ليس مستغرباً أبداً أن تنتقد مرضية أفخم مصر لإصدار القضاء فيها أحكاماً بالإعدام أو بالمؤبد أو غير ذلك، فهي تعتقد أنها السلطة الوحيدة في العالم التي يحق لها أن تفعل ما تريد وأنها الوحيدة التي لا يجوز سؤالها عن أي أحكام تصدرها، فتحكم حتى على الشخصيات الدينية الكبيرة في إيران من الذين اختلفوا معها وانتقدوها بالسجن لمدد طويلة وبالمؤبد وبالإقامة الجبرية.. وبالإعدام، فإيران -كما الشاعر- يحق لها ما لا يحق لغيرها. ضغطة زر واحدة على محرك البحث في جوجل من شأنها أن توفر لمن يريد ما يشاء من إحصاءات عن أعداد الذين يحكم عليهم بالإعدام يومياً في إيران «الثورة»