الصحافيون الذين حضروا من عدد من الدول العربية لمشاركتنا فرحتنا بالاحتفال الأول بيوم الصحافة البحرينية الثلاثاء الماضي؛ شاهدوا بأنفسهم كيف كان حرص صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء على الوقوف مع كل مكرم والتحدث معه وسؤاله عن أحواله وتهنئته وهو يسلمه الهدية التذكارية والاستماع إليه من دون أي اعتبار للوقت، الصحافيون الخليجيون والعرب رأوا أيضاً كيف أن الفرحة كانت تملأ عيون صاحب السمو وهو يصافح الجميع، وأن سموه كان حريصاً على أن يزرع الفرحة في عيون الجميع، وعلى الخصوص المكرمين، ورأوا كيف أن سموه قضى وقتاً طويلاً في المكان بعد انتهاء الحفل كي يشعر الصحافيين بأن المناسبة مناسبته أيضاً، وليكسر كل حاجز بينه وبينهم.أما ما لم يكن يعرفه أولئك الصحافيون الذين حضروا لمشاركتنا الفرحة؛ فهو أن سموه حرص على الحضور بنفسه ولم ينب أحداً من المسؤولين لحضور الحفل، فيوم الصحافة البحرينية اختير له يوم السابع من مايو من كل عام، وكان المفروض أن يقام الحفل في نفس ذلك التاريخ، لكنه أقيم يوم التاسع عشر منه بسبب ازدحام جدول سموه الذي كان قد وعدهم بتكريمهم بنفسه. هذا هو خليفة بن سلمان الذي يعلي بفعله هذا من شأن الصحافة والصحافيين، ويوصل في نفس الوقت رسالة مهمة إلى كل من يريد التشرف بالانتماء إلى هذا الجسم ملخصها؛ أن الصحافة رسالة وأن الوطن بحاجة إلى أصحاب الأقلام الذين يعرفون معناه وقيمته ويؤمنون بأن واجبهم، خصوصاً في هذه المرحلة، هو أن يستلوا أقلامهم لا أن يغمدوها أو يطعنوا بها الوطن، كما صار يحلو للبعض الذي لم يحفظ حق الوطن وتحول إلى معسكر المعادين له. لكن هذه الصورة التي شهدها الصحافيون الخليجيون والعرب يقابلها للأسف صورة أخرى؛ ملخصها أن الذين انقلبوا على الوطن لا يعتبرون كل هذا الفعل الجميل ذا قيمة، ويفسرونه تفسيرات سالبة تعبر عنهم وعن تفكيرهم، فيروجون الكثير مما هو بعيد عن الواقع. هؤلاء لا يعتبرون الحريات الصحافية عالية السقف في البحرين حريات، ولا يعتبرون الامتيازات التي يحصل عليها الصحافيون امتيازات، ويعتبرون كل ما تقوله الحكومة وجمعية الصحافيين البحرينية عن الصحافة في البحرين بعيداً عن الحقيقة والواقع، ويقولون إنها تحولت إلى أداة في يد السلطة التي عرفت كيف توظفها وتستفيد منها.كل ما هو إيجابي في الساحة الصحافية البحرينية يعتبره أولئك سلبيات ومناقص وإساءة للعمل الصحافي، وأن الحريات المتاحة شكلية. لكنهم لا ينتبهون إلى أنهم مستفيدون من هذه الحريات كثيراً، فلولاها لما تمكنوا من التعبير عن مطالبهم وآرائهم في الداخل قبل الخارج، ولما تمكنوا من تدبيج المقالات التي تنتقد الحكومة بقسوة وتتضمن مبالغات، ولما تمكنوا من المشاركة في البرامج السياسية التي تبثها القنوات السوسة وتستضيفهم فيها وهم في البحرين من دون أن توجه لهم الحكومة أي سؤال عن تلك المشاركات. المؤلم هو أن هذا البعض القليل الذي صار يعتبر نفسه أستاذاً في الإعلام والصحافة ويبتدع النظريات؛ لا يكتفي فقط بانتقاد الوضع الصحافي، ولكنه يقرر أنه لا توجد صحافة في البحرين باستثناء صحافة «المعارضة»، ولا توجد أقلام صحافية باستثناء أقلامهم طبعاً، ولا يوجد صدق ولا أمانة صحافية ولا رؤية، وأن الصحافة منقادة للحكومة وأن الحكومة هي التي تقول لهم اكتبوا هذا ولا تكتبوا في هذا، وأن الصحافيين اليوم ليسوا سوى أبواق للسلطة وأن من يجرؤ منهم على قول ما لا ترضى عنه يعاقب بالطرد من الجسم الصحافي. من حضروا حفل تكريم الصحافيين لاشك أدركوا أن ما ينشره أولئك عن الصحافة في البحرين بعيد عن الحقيقة والمنطق والواقع